بعد مأساة المنيا.. مبيدات تحتوي على “الكلورفينابير” وأهم النصائح لتجنب
12:56 م
الثلاثاء 29 يوليه 2025
المنيا- جمال محمد:
أيام من الحسرة والقلق عاشها أهالي قرية دلجا التابعة لمركز ديرمواس جنوبي محافظة المنيا بسبب وفاة 6 أطفال ووالدهم في ظروف ظلت غامضة ومُريبة، وأسفرت عن انتشار الكثير من الشائعات، إلى أن تبين مؤخراً حقيقة الأمر وهو وجود مادة مبيد حشري في أمعاء المتوفين، إلا أنه لم يُكشف بعد عن كيفية وصول هذه المادة لهم ووفاتهم.
المفاجأة التي كشفها الدكتور محمد اسماعيل عبدالحفيظ أستاذ السموم بكلية الطب جامعة المنيا وهو المشرف على آخر حالتين من الأطفال قبل وفاتهم، هي أن المواد شديدة السمية التي تناولوها تندرج تحت المادة الفعالة لمادة الكلورفينابير، والتي تسببت في غموض كبير خاصة أنها لا تظهر في التحاليل الطبية أو الأشعة، ما زاد الأمر غموضاً حتى توفي الأب كذلك بنفس الأعراض.
“مصراوي” ينشر أبرز المعلومات عن تلك المادة السامة والخطيرة، وكيفية وصولها لأيدي مئات المزارعين من خلال منتجات عدة في الأسواق وبيعها في منافذ حكومية رسمية، وأخرى خاصة.
يقول الدكتور عمر غانم مدير إدارة المكافحة البستانية والخضر والباحث في علوم البساتين والمبيدات، إن مادة الكلورفينابير من المواد المنتشرة بكثرة في مصر وعدة دول، وتستخدم لمكافحة الأكاروسات ( العناكب الزراعية ) خاصة التي تنتشر في بساتين الطماطم والفول الصويا والبطاطس والباذنجان، والقرعيات، وتنتشر تلك الأكاروسات في أوقات نسبة الحرارة العالية والرطوبة المرتفعة مثل تلك الأيام التي نعيشها.
وأشار غانم إلى أن مادة الكلورفينابير مصرح باستخدام منتجاتها في مصر بشكل صريح، ومن خلال منافذ وزارة الزراعة، مضيفاً أن أشهر المنتجات التي تحتوي على تلك المادة هي ( شالنجر – فانتي – كونكورد – كابيتول )، مؤكداً أنها منتجات موجودة ومرخصة في منافذ وزارة الزراعة بمحافظة المنيا، وكذلك جميع محلات بيع المبيدات الحشرية الزراعية، وهي من أفضل مواد مكافحة الاكاروسات، ولكن من خلال الاستخدام الصحيح والآمن.
وكشف مدير إدارة المكافحة البستانية بالمنيا، عن كيفية تأثير تلك المادة على الحشرات وعلى سلامة النبات والمواطن، قائلاً: “المبيد يؤثر بشكل مباشر على أطوار الآفة الكاملة، فهو يُدمر مراكز إنتاج الطاقة الموجودة في خلية الحشرة وينهي عليها سريعًا، ويُعطي في نفس الوقت مناعة للنبات من خلال الميتوكوندوريا لتقوية مراكز إنتاج الطاقة في النبات، ولكن يكون كل ذلك من خلال الاستخدام السليم وضبط نسب تركيز المادة بمعدل 40 سنتيمتر لكل 100 لتر مياه”.
وشدد غانم على ضرورة عدم حصاد المحصول المرشوش بمنتجات تضم مادة الكلورفينابير إلا بعد مرور 21 يوماً ، لضمان تكسير المادة واختفائها لتصبح غير سامة، مشيراً إلى أن موعد الرش يجب ألا يكون وقت الظهيرة لأن في درجات الحرارة العالية يكون النبات غالقًا لثغراته ولا يستفيد منه، والحرارة العالية ممكن أن تكسر المبيد وتضيع قوته، وكذلك في الصباح الباكر يجب عدم الرش لأن هناك قطرات ندى فحينها تسقط من الورقة وتأخذ معها المبيد، لذلك فإن أفضل موعد هو من بعد العصر وحتى المغرب.
وعن كيفية معالجة أي أضرار ناتجة عن سوء الرش من قبل المزراع، وعدم التزامه بنسبة التركيز العلمية، أوضح غانم أنه يمكن معالجة الأمر من خلال رش منشطات أو مغذيات للنبات لتجديد نموه خلال من ثلاثة إلى خمسة أيام وهي الفترة التي تظهر فيها تأثير المبيد.
غانم أشار أيضاً إلى أن البديل الأكثر أمانًا لمنتجات الكلورفينابير، هي منتجات مادة أباماكتين والتي تضم منتجات ( فرتيمك.. اورتس.. سوبر اورتس .. جولد .. روماكتين)، مؤكداً انخفاض معدلات استهلاك منتجات الكلورفينابير في السنوات الأخيرة لوصول منتجات أخرى.
ووجه غانم نصائحه للمزارعين حفاظاً على صحتهم أثناء استخدام منتجات تلك المادة أو أي مبيدات أخرى، وفي مقدمتها ارتداء قفازات كبيرة، وكمامات، مع التخلص من العبوات الفارغة لدفنها في أماكن بعيده، أو في صناديق القمامة المخصصة، وعدم إلقائها في المجاري المائية أو الشوارع.
يذكر أن والد أطفال المنيا والمتوفين جميعاً، معروف عنه التجارة في محصول الطماطم وزراعتها، ورجح البعض استخدامه لتلك المبيدات للقضاء على العناكب الزراعية، غير أنه لم تفصح جهات التحقيق حتى الآن عن العثور على مبيدات داخل منزله أو كيفية تسممه هو وأبنائه بها حتى فارقوا الحياة.
اقرأ أيضاً:
“منزل النعوش السبعة”.. قصة موت غامض بدأ بالأطفال وانتهى بالأب في المنيا
طبيب أطفال المنيا: واجهنا قاتلًا كيميائيًا لا يظهر بالتحاليل (فيديو وصور)
“فرحة” ماتت.. القصة الكاملة لرحيل ستة أشقاء صغار فى المنيا -صور