آخر الاخبار

ابدأ.. وسيتضح الطريق | مصراوى


جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

“عندما تبدأ في السير على الطريق، يظهر الطريق”.. بهذه الكلمات، يقدّم الشاعر الصوفي العظيم جلال الدين الرومي قاعدةً ذهبية لا تنتمي فقط إلى عوالم التصوّف والتأمل، بل تخترق عمق النفس البشرية وتلامس صميم السلوك الإنساني. إنها ليست مجرد عبارة شاعرية، بل قاعدة نفسية تم إثباتها علميًا وسلوكيًا: الوضوح لا يسبق الفعل، بل يتولد منه.

والحقيقة أن الخوف من البداية.. وهم ينتظره الكثيرون ففي زحام الأفكار والأحلام المؤجلة، يقف كثيرون عند نقطة الصفر، يفتّشون عن خارطة طريق كاملة المعالم قبل أن يخطو أول خطوة. ينتظرون إشارة، وضوحًا، ضمانًا بعدم الفشل. لكن هذه الحالة من الترقب هي في الواقع حالة من الشلل النفسي. لأن الانتظار لا يجلب الوضوح… بل يستهلكه.

علم النفس يقول.. الفعل يولّد الإدراك.. وتشير دراسات علم النفس السلوكي إلى أن اتخاذ القرار، ولو صغيرًا، يساعد في تقليل التوتر أكثر من التفكير المفرط. وفي العلاج السلوكي المعرفي، يُستخدم مفهوم “التفعيل السلوكي” لمساعدة مرضى الاكتئاب. لا تنتظر أن تتحسن لتتحرك، بل تحرّك لتتحسن.

فالتجربة تسبق الفهم، والفعل يسبق الوعي الكامل. كما أن السير في الطريق يكشف لك منحنياته ومفترقاته التي لم تكن لتراها من نقطة البداية.

وكما هو معروف لدى الغالبية أن قصص النجاح تبدأ بخطوة واحدة فكثير من المشاريع العالمية بدأت من غرفة صغيرة، فكرة بسيطة، أو حتى من فشل. ستيف جوبز طُرد من شركته الأولى قبل أن يعود ويصنع التاريخ. أوبرا وينفري طُردت من عملها كمذيعة لأنها “غير مناسبة للتلفزيون”. لكنهم جميعًا بدأوا بخطوة، لم تكن واضحة تمامًا، لكنها كانت كافية لكشف الطريق.

الحكمة الصوفية والنفس البشرية.. لقاء في منتصف الطريق لأن الفكر الصوفي، كما في أقوال الرومي، يرى أن الإنسان لا يحتاج أن يرى النهاية، بل أن يبدأ من حيث يقف. هذه الرؤية تلتقي مع علم النفس الحديث في نقطة مركزية.. التحرك هو ما يولّد الفهم، لا العكس.

رسالتى الشخصية.. لا تنتظر الوضوح بل اصنعه.. ربما حان الوقت لتكف عن انتظار الصورة الكاملة. لا بأس إن بدأت وأنت لا تعرف كل شيء. الطريق سيظهر حين تمشي عليه. جرّب. بادر. تحرك. الخطوة الأولى.. حتى وإن كانت خجولة أو غير مكتملة.. هي التي تخلق الوضوح الذي تنتظره. كما يقول الرومي: “الشكوك سجون، والخطوة الأولى هي مفتاح الهروب.” ابدأ. وسيتضح الطريق. خطوة أولى نحو الوضوح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock