الوزير جاي في حادثة | مصراوى
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
في صباح يوم الأربعاء، الموافق السابع والعشرين من فبراير لعام 2019، كانت مصر على موعد مع حادث أليم داخل محطة قطارات رمسيس، راح ضحيته 21 قتيلا وأكثر من 52 مصابا.
ففي ذلك اليوم نشب خلاف بين أحد سائقي القطارات وزميل له، فقرر السائق أن يترجل من جرار كان يقوده داخل ورش الصيانة الملاصقة للمحطة لاستكمال معركته، تاركا الجرار يشق طريقه وحيدًا على القضبان نحو المحطة بسرعة قصوى.
وما هي إلا ثوانٍ حتى ارتطم الجرار بالحواجز الخرسانية في قلب المحطة محدثا انفجارًا هائلًا وحريقا التهم كل من كان على الرصيف تقريبًا، في مشهد لا يزال عالقا بالأذهان ووثقته كاميرات المراقبة من كل الاتجاهات.
بعد ساعات قليلة من كارثة المحطة، تقدم الدكتور هشام عرفات، وزير النقل في ذلك الوقت باستقالته إلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وقبلها الأخير على الفور.
استقالة عرفات من منصبه الوزاري هي نتاج منطقي لتحمل المسؤولية السياسية في حادث مروع كان المتسبب فيه موظف مهمل بمصلحة تابعة إداريا لسلطة الوزير ويعمل بها عشرات الآلاف، وتقدم خدماتها للملايين يوميًا.
في غضون ساعات من الحادث، تم الإعلان بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تكليف الفريق مهندس كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية آنذاك بحقيبة وزارة النقل خلفا للدكتور هشام عرفات.
وعلى مدار نحو ست سنوات حقق الوزير جملة من المنجزات في واحدة من أثقل الحقائب الوزارية في مصر، لا سيما الإرث الثقيل لشبكة الطرق والسكك المتهالكة التي تحولت خلال سنوات قليلة إلى شبكة عملاقة.
لكن وبالعودة إلى المسؤولية السياسية التي لا تنفصل بأي حال عن المسؤولية الإدارية لأي وزارة، فإن الحادث المروع الذي وقع قبل أيام بالطريق الإقليمي الأوسطي وأودى بحياة 19 فتاة وأصاب 3 آخرين هو مسؤولية سياسية صرفة لوزير النقل.
ويتضامن سياسيًا مع كامل الوزير اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، كون الداخلية هي المسؤول الأول عن المرور ومراقبة صلاحية المركبات وقدرة السائقين على القيادة وصلاحية التراخيص، وغيرها.
وفي مثل هكذا كوارث تدمي قلوب مجتمعات بكاملها، أحيانًا يكون إقصاء الوزير أو المسؤول هو القرار الصحيح، وفي أحيان أخرى يكون الأصح أن يتم تثبيت الوزير في مقعده ليستكمل دوره لإصلاح الخلل الذي نتج عنه الكارثة.
وبحديث الأرقام فإن معدلات ضحايًا حوادث الطرق في مصر تراجعت بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء من 6.722 قتيلا و79.904 إصابات في عام 2019، إلى 76.362 مصابا و5.260 وفاة بنهاية 2024؛ وأحد الأسباب التي أسهمت في تراجع النسب يعود إلى تحسن جودة الطرق وتحديث منظومات المراقبة المرورية.
يبقى التذكير بأن تشديد العقوبة ليس اقتصاصًا لمن فقدوا حياتهم بفعل إهمال ورعونة شخص واحد فقط، ولكنه وقاية للحد من حوادث مشابهة بالمستقبل، وذلك كان نهج محكمة جنايات القاهرة عند إنزال أقصى العقوبة على علاء فتحي، سائق الجرار السكك الحديدية والمتهم الرئيسي في حادث محطة مصر، والذي عوقب بالسجن المشدد 15 سنة ودفع 8 ملايين و800 ألف جنيه لهيئة السكك الحديدية.
عوقب في ذات القضية 14 عاملًا آخر بالسجن لمدد تتراوح بين 3 و10سنوات، بعد ثبوت تهم الإهمال والإخلال الجسيم بما تفرضه عليهم أصول وظيفتهم بمخالفة دليل أعمال المناورة ولائحة سلامة التشغيل الصادرة عن جهة عملهم وتزوير التوقيع فى دفتر حضور وانصراف عمال وملاحظي المناورة.