أخبار العالم

من تقع عليه المسؤولية في تنشئة الأطفال؟

[


]

أمل محمد أمين

إن تنشئة الأطفال مسؤولية عظيمة تشكل مستقبل الأفراد والمجتمعات، وهي عملية معقدة تتداخل فيها عدة أطراف، بدءاً من الأسرة، مروراً بالمدرسة، وانتهاءً بالأصدقاء والبيئة المحيطة. وغالباً ما يُطرح سؤال جوهري: من يتحمل المسؤولية الأكبر في هذه التنشئة؟ هل هما الأبوان؟ أم المدرسة؟ أم الأصدقاء؟

أولاً: الأسرة «الأب والأم»:الأسرة هي النواة الأولى في حياة الطفل، ومن خلالها يكتسب القيم الأساسية، مثل الحب، والأمان، والاحترام، والانضباط. تقع المسؤولية الأساسية على عاتق الوالدين، لأنهما أول من يتعامل مع الطفل منذ لحظة ولادته. الأب يمثل القدوة والسلطة، بينما الأم تمثل الحنان والرعاية، ودورهما متكامل.يتعلم الطفل من والديه السلوكيات من خلال التقليد والملاحظة، وبالتالي فإن أي خلل في سلوكهما أو إهمال في التربية قد يؤدي إلى انحرافات أو ضعف في التكوين النفسي والاجتماعي للطفل.

ثانياً: المدرسة:تأتي المدرسة في المرتبة الثانية بعد الأسرة، وهي مؤسسة تعليمية وتربوية تؤثر بشكل مباشر على فكر الطفل وسلوكه. لا تقتصر مهمة المدرسة على التعليم الأكاديمي فقط، بل تمتد إلى غرس المبادئ الأخلاقية، وتنمية المهارات الاجتماعية، وتعزيز مفهوم الانتماء والمسؤولية.أيضاً المعلمون يمثلون قدوة جديدة في حياة الطفل، وبيئة المدرسة تساعد على تعزيز القيم الإيجابية أو -في حال غياب الرقابة والوعي- قد تساهم في ترسيخ سلوكيات خاطئة.

ثالثاً: الأصدقاء:يلعب الأصدقاء دوراً مهماً في مرحلة الطفولة المتأخرة والمراهقة، حيث تبدأ شخصية الطفل في الاستقلال تدريجيًا عن الأسرة، ويصبح للرفاق تأثير كبير على قراراته وسلوكياته. وهنا تكمن الخطورة، إذ يمكن أن يكون الأصدقاء مصدراً للتشجيع والتحفيز أو العكس تماماً.لذلك، من واجب الأسرة والمدرسة معًا توجيه الطفل لاختيار أصدقائه بعناية، مع تنمية مهارات التفكير النقدي التي تجعله قادرًا على التمييز بين السلوك الصحيح والخاطئ.

كيفية تربية طفل سوي:تربية طفل سوي نفسياً وأخلاقياً تتطلب وعياً واستمرارية من الأسرة والمحيطين به. تبدأ هذه العملية بالحب غير المشروط والدعم العاطفي، حيث يشعر الطفل بالأمان والانتماء. من المهم أيضاً غرس القيم منذ الصغر، مثل الصدق، والاحترام، وتحمل المسؤولية، من خلال المواقف اليومية والنقاش المفتوح. كما يجب تنمية مهارات الطفل العقلية والاجتماعية، عبر القراءة، واللعب الهادف، والحوار، وتشجيعه على التعبير عن مشاعره وآرائه بحرية. ولا يقل الانضباط أهمية، شرط أن يكون قائماً على التوجيه الإيجابي وليس العقاب القاسي، مما يعزز الثقة بالنفس ويكسب الطفل القدرة على اتخاذ قرارات صائبة وتحمل نتائجها. بهذا التوازن بين الحزم والحنان، ينشأ الطفل سوياً، قادراً على التفاعل مع مجتمعه بإيجابية.

– من يتحمل المسؤولية الأكبر؟وبالتالي فإن المسؤولية الأساسية في تنشئة الطفل تقع على الأسرة أولًا. فهي البيئة الأولى التي يترعرع فيها الطفل، وتضع الأسس الأولى لشخصيته. بعد ذلك، تأتي المدرسة لتكمل ما بدأته الأسرة، وتوفر بيئة داعمة للنمو الأكاديمي والاجتماعي. أما الأصدقاء، فرغم تأثيرهم الكبير، فهم ليسوا جهة مسؤولة بقدر ما هم نتيجة للتنشئة السابقة.من هنا نجد أن تنشئة الأطفال مسؤولية جماعية متكاملة تبدأ من الأسرة ولا تنتهي عند المدرسة، بل تشمل المجتمع بأكمله. ولكي نُنشئ جيلاً واعياً، متزناً، وقادراً على مواجهة تحديات الحياة، لابد من التعاون بين الوالدين والمعلمين، مع توجيه الطفل لاختيار أصدقائه بعناية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock