أخبار العالم

تأثير إنفاق المرأة على الأسرة بين الإيجابيات والسلبيات


أمل محمد أمين

يُعد إنفاق المرأة داخل الأسرة من الموضوعات الحيوية التي تستحق الدراسة، نظراً للدور المتنامي الذي أصبحت المرأة تلعبه في إدارة الشؤون المالية للأسرة، سواء كانت تعمل أو تدير ميزانية الأسرة بوصفها ربة منزل. لم يعد الإنفاق حكراً على الرجل كما كان في الماضي، بل أصبحت المرأة شريكاً فعّالاً في تأمين احتياجات الأسرة وتحقيق استقرارها المادي والنفسي. ومن أروع الأمثلة على إنفاق المرأة في الإسلام ما ورد عن الصحابية زينب زوجة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما. فقد كانت زينب امرأة صالحة، وكان زوجها عبد الله فقيراً، وله أولاد، ولم يكن قادراً على الإنفاق عليهم وحده.

فجاءت زينب إلى النبي ﷺ وسألته:

“يا نبي الله، إنك أمرت اليوم بالصدقة، وكان عندي حلي لي، فأردت أن أتصدق به، فزعم عبد الله بن مسعود أنه وولده أحق من تصدّقتُ به عليهم”.

فقال لها النبي ﷺ:

“صدق عبد الله، زوجك وولدك أحق من تصدقتِ به عليهم” (رواه البخاري ومسلم).

هذه القصة تبين كيف أن إنفاق المرأة على أسرتها لا يُعد فقط دعماً مادياً، بل هو صدقة تؤجر عليها، وهو جزء من رسالتها في بناء الأسرة وتوفير الأمن الاقتصادي لها. بشرط أن يكون عن طيب نفس وبما لا يخل بمبدأ التوازن الأسري.

ويساعد إنفاق المرأة على الأسرة في تعزيز استقرارها حيث تزداد قدرة الأسرة على تغطية احتياجاتها الأساسية وتوفير متطلبات الحياة الكريمة. خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تمر بها المجتمعات كذلك تقوية روح الشراكة داخل الأسرة

كما يكرّس إنفاق المرأة مبدأ الشراكة بين الزوجين، مما يخلق جواً من التفاهم والاحترام المتبادل. فالزوج لا يشعر بأنه يتحمل العبء وحده، والمرأة تشعر بأنها فاعلة في بناء مستقبل الأسرة.

ومن خلال المشاركة في الإنفاق، تكتسب المرأة ثقة بالنفس وتصبح أكثر قدرة على اتخاذ قرارات مالية تعود بالنفع على الأسرة، كالتخطيط للمستقبل، والاستثمار في تعليم الأطفال أو شراء الأصول.

وتساهم قدرة المرأة على الإنفاق في تحسين مستوى المعيشة داخل الأسرة، سواء من حيث نوعية الغذاء، أو التعليم، أو الرعاية الصحية، أو حتى الترفيه، مما يعزز من استقرار الأسرة ورفاهيتها.

ومن أهم الآثار السلبية لإنفاق المرأة على الأسرة اختلال الأدوار والمسؤوليات فقد يؤدي إنفاق المرأة المفرط أو تحمّلها العبء المالي الأكبر إلى تغيير في التوازن داخل الأسرة، مما قد يولّد مشاعر توتر أو ضعف لدى الزوج، خاصة إذا شعر بأنه فقد دوره التقليدي كمعيل أساسي.

وفي بعض الأحيان يمثل إنفاق المرأة على أسرتها عبئاً نفسياً حيث تعمل وتنفق على أسرتها، وهذا يعرضها لضغوط نفسية شديدة تؤثر سلباً على صحتها وعلاقتها بأفراد الأسرة.

أيضاً لا بد من التنبيه في بعض الأحيان، قد يؤدي الإنفاق الزائد من قِبل المرأة إلى اختلال في ميزانية الأسرة، خاصة إذا لم يكن هناك تخطيط مالي مشترك.

من هنا، تبرز أهمية الحوار والتفاهم المالي بين الزوجين، ووضع خطة مالية مشتركة تراعي دخل الطرفين واحتياجات الأسرة، وتحقق توازناً يضمن حياة أسرية مستقرة ومستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock