ترامب.. إسرائيل أولاً وأخيراً! | صحيفة الوطن
[
]
سعد راشد
في حديثه الأول في يوم تنصيبه بتاريخ 20 يناير الماضي، قال الرئيس الأمريكي “خلال كل يوم من أيام إدارتي، سأضع أمريكا أولاً”، وسارع بوضع خططه لزيادة التعريفات الجمركية التي لم تستمر طويلاً لأنها بكل بساطة أضرت بأمريكا وعاود دراسة هذه القرارات التنفيذية لهذه الخطط ليوجه الثقل الأساسي للتعريفات على بكين ليرى المواطن الأمريكي انعكاس ذلك على ارتفاع أسعار السلع الصينية وخاصة الإلكترونية منها مما جعل الشركات التكنولوجيا تستغيث.. إذاً أين أمريكا أولاً.
ومن جهة أخرى، قال ترامب في أكثر من مقابلة وكانت الأشهر في “فوكس نيوز” بأنه سيوقف النزاع بين روسيا وأوكرانيا في “يوم واحد” إذا عُيّن رئيساً بهدف إلغاء ديباجة أن الشعب الأمريكي يدفع الضرائب لتمويل دعم كييف ضد موسكو، وبعد تنصيبه وبالتحديد المكالمة الأخير مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليصرح لوسائل الإعلام الخميس الماضي قال: “أنا محبط جداً من المحادثة التي أجريتها اليوم مع الرئيس بوتين، لأنني لا أظن أنه مستعد للتوقف.. لا أعتقد أنه يرغب في وقف القتال”.. أين أمريكا أولاً.
وعلى صعيد الملف النووي الإيراني، قال الرئيس ترامب أمام العالم أن أمريكا قامت بعملية ناجحة بضرب ثلاثة مفاعلات نووية إيرانية وأعلن ترامب أن “المرافق النووية الرئيسة لإيران قد تمّ تدميرها بالكامل تماماً” في إشارة إلى أن طهران لن تكون قادرة على إنتاج سلاح نووي، غير أنه في ذات السياق قال لوسائل الإعلام قبل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو له “إيران لم توافق على تفتيش برنامجها النووي أو على التخلي عن تخصيب اليورانيوم، أعتقد أن برنامج طهران النووي تعرّض لانتكاسة دائمة، لكن من الممكن أن تُعيد استئنافه في موقع مختلف”، فكيف نفذ هجوم عسكري للقضاء على البرنامج النووي وفي ذات الوقت يأتي التناقض بأنه يعتقد أن التخصيب مستمر.. أين أمريكا أولاً.
لتأتي الطامة الكبرى، وهو مشروع “لنجعل أمريكا جميلة من جديد”، الذي أقر في الكونغرس ووقعه الرئيس ترامب يوم الجمعة الماضي والذي سيرفع سقف الدين العام إلى 5 تريليون دولار والذي في باطنه بنود صريحة لتخصيص تمويل عسكري إضافي للحلفاء الاستراتيجيين، وعلى رأسهم إسرائيل، والتزام واشنطن بصرف 10 مليارات دولار كمساعدات عسكرية إضافية لإسرائيل على مدى 3 سنوات وتمويل مشاريع القبة الحديدية ونظام “حيتس” Arrow 4 وتحديث الدفاعات السيبرانية الإسرائيلية، وتغطية نفقات الطوارئ لعمليات إسرائيل في حال تجدد الحرب مع إيران أو حماس أو حزب الله.. أين أمريكا أولاً.
إن تحركات ترامب الأخيرة لا تخدم أمريكا بتاتاً، فزيادة الميزانية العسكرية وعدم القدرة على إيجاد مسارات للحل في أوكرانيا أو غزة أو إيران، وفي المقابل السماح لتل أبيب بالقيام بشن ضربات كيفما تشاء بالشرق الأوسط مما قد يؤدي إلى نشوب حرب إقليمية تمول من مشروع بحجم “لنجعل أمريكا جميلة من جديد”، وكأنما يقول “لنجعل إسرائيل جميلة من جديد”!