آخر الاخبار

على أنغام الطبول.. سوق المانجو في الإسماعيلية يتحول إلى كرنفال شعبي (ص



06:37 م


الأربعاء 23 يوليه 2025

الإسماعيلية – أميرة يوسف:

مع انطلاق موسم حصاد المانجو، تتحوّل مدينة الإسماعيلية إلى خلية نحل لا تهدأ. وفي قلبها النابض، سوق المستقبل، تدب الحياة كل مساء في مشهد يضج بالألوان والروائح والزحام، حيث يجتمع التجار والمزارعون من مختلف المحافظات لشراء “الذهب الأخضر”، في مزاد مفتوح لا يحكمه سوى جودة الثمار وإيقاع الطبول.

بعد صلاة العصر، تبدأ الطبول في القرع، إيذانًا ببدء المزاد. الأصناف معروضة على الأرض وفي صناديق بلاستيكية، تتحرك أيدي التجار بخفة لاختبار النضج، وتمتلئ الساحة بالأصوات: “سكري أبيض… ٣٠، ٣٥، ٤٠… خمسين جنيه للكرتونة!”

وكلما ارتفع السعر، تعالت دقات الطبول، وتبعها تصفيق وهتاف، وكأن الجميع يحتفل بصفقة العمر.

يؤكد مسعد منصور، أحد التجار بسوق المستقبل في الإسماعيلية، أن المانجو الإسماعيلاوي لا تزال تحتفظ بمكانتها رغم التحديات.

يقول مسعد: “من بحري لِقبلي، مافيش محافظة مش بتستنى مانجتنا. صحيح الكميات قلت عن السنة اللي فاتت تقريبًا ٤٠٪ بسبب حرارة الجو وسوء الأحوال المناخية، لكن الطعم لسه ثابت والجودة ممتازة.”

ويتابع مسعد: “السكري الأبيض هو الأكثر طلبًا، ووراها على طول العويس والتيمور، وده طبيعي لأن دي الأصناف اللي ليها زباينها.”

أما عن الأسعار، فيوضح “مسعد” أن السوق شهد ارتفاعًا واضحًا هذا الموسم: “السعر زاد حوالي ربع عن السنة اللي فاتت، وبنتكلم دلوقتي في كرتونة من ٣٠ لـ٥٠ جنيهًا حسب النوع والحجم، ومع كده الناس بتشتري، لأن مانجو الإسماعيلية ماركة مسجلة، لها مذاق وريحة مايتلقوش.”

من جانبه، يقول الحاج نظير، تاجر مانجو منذ أكثر من 30 سنة: “الموسم السنة دي جيد، مش زي السنين اللي فاتت من ناحية الكمية، بس الجودة ممتازة. يعني المانجا طلعت بطعم مركز، مسكّر أكتر، وريحة قوية، وده اللي بيدور عليه التاجر والمستهلك.”

ويتابع الحاج نظير:”في إقبال كبير على أصناف السكري والعويس، لكن الجديد السنة دي إن فيه طلب واضح على النعومي والزبدة بسبب حجمها الكبير وسهولة تسويقها. حتى المحافظات التانية بقت تيجي مخصوص للمزاد يوميًا علشان تلحق الكميات.”

وعلى أطراف السوق، يقف أحد المصدرين يراقب المزاد بعين الخبير، ويقول بفخر:”الإسماعيلية فيها أكتر من 138 صنف مانجو، وعلى مساحة 120 ألف فدان. المانجو هنا مش بس بتتوزع جوه مصر، إحنا بنصدّر لدول الخليج وشمال أوروبا، والملتقى التصديري اللي هيتعمل على هامش المهرجان هيكون فرصة نفتح فيها أسواق جديدة.”

في مشهد يومي، تنتهي الصفقات، وتبدأ العربات في التحميل. بعضها يتجه لأسواق العاصمة، وبعضها لرحلة أطول نحو التصدير. وفي نهاية اليوم، تظل رائحة المانجو عالقة في الهواء، والطبول تدق من بعيد وكأنها تحتفل بكنز موسمي لا يُقدّر بثمن.

المانجو في الإسماعيلية ليست مجرد فاكهة، بل حكاية طويلة من العِشرة بين الفلاح وأرضه، بين الشجر والذاكرة. هي طعم طفولة، ومصدر رزق، وعلامة تميز. إنها الذهب الأخضر الذي يحمله أهل القناة بفخر إلى كل بيت وسوق.

وتتواصل الاستعدادات لعودة مهرجان المانجو الإسماعيلاوي في نسخته الثالثة، يوم 8 أغسطس 2025، بعد توقف عامين. بتوجيهات اللواء أكرم محمد جلال، محافظ الإسماعيلية، وبدعم من نائبه المهندس أحمد عصام الدين، يعكف الجميع على تجهيز مهرجان يليق بتاريخ المانجو في الإسماعيلية.

فعاليات فنية، عروض استعراضية، أسواق مفتوحة و”مانجو بازار” في القرية الأوليمبية، كلها ستكون جزءًا من احتفالية صيفية فريدة، تؤكد أن المانجو ليست فقط فاكهة الموسم، بل رمزًا للهوية والإبداع والحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock