جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
أقر مجلس النواب قانون الإيجار القديم- غير المرضي للكثيرين- بصورة نهائية، وهو الآن في طريقه للتنفيذ إذا ما صدق عليه رئيس الجمهورية.
لن أتحدث عما جاء في القانون مقارنة بما كان يجب أو يمكن أن يحدث، ويكون أفضل من النص النهائي، لكني هنا سأنشر رسالة لأحد المستأجرين لغير السكن، ضمن رسائل عديدة وصلتني، لأن المجال لا يتسع للمزيد.
إلى نص الرسالة
استأجرنا محلا صغيرا أقل من ستة أمتار، في إحدى المناطق المتوسطة بالقاهرة عام ١٩٧٧، ودفعنا (خلو) لصاحب العمارة قدره ٩٠٠ جنيه. تخيل هذا المبلغ منذ ٤٨ عاما، كم كان كبيرا؟!
يكفي أن تعرف أن التسعمائة جنيه كان ثمن قيراط ونصف القيراط من الأرض المباني في بلدتنا. نفس المساحة الآن ثمنها يزيد عن المليون جنيه.
في 1977 كان سعر جنيه الذهب 37 جنيها، مقابل أكثر من 37 ألف جنيه الآن، أي أن قيمة الخلو الذي حصل عليه المالك تساوي قرابة 900 ألف جنيه بأسعار اليوم.
ألم يستفد المالك من هذه الأموال في بناء عقارات أخرى، أو استثمار جديد، أو حتى تحسين حياته؟ فهل نحن الجائرون، ونحرم الملاك من حقوقهم؟ وإن كان للملاك حقوقا فأين حقوقنا نحن؟
لسنا ضد زيادة الأجرة، وقبلناها من قبل عندما أقرت الحكومة مضاعفتها ٤ مرات عام ١٩٩٦، وزيادة ٢٪ لعدة سنوات، ولا زلنا موافقين على الزيادات حتى التي جاءت في القانون، لكن الإخلاء بعد خمس سنوات يعني ضررا كبيرا لي ولكل مستأجري المحال الصغيرة بأنشطتها المختلفة.
هل تعلم الحكومة أن كثيرا من الملاك أجروا نفس الوحدة التجارية لعدة مستأجرين، ومع كل عقد “خلو” جديد، وزيادة في الإيجار؟ ألا يعني ذلك حصولهم على أكثر من القيمة الكلية للوحدة، فضلا عن الإيجار الشهري.
هل تعلم الحكومة أن المستأجرين القدامى جميعهم لديهم سجل تجاري وترخيص وبطاقة ضريبية، أي أنهم جزء من الاقتصاد الرسمي، يسددون ما عليهم من ضرائب، مقارنة بنسبة أقل بكثير من مستأجري المحال بعقود إيجار جديدة؟
نعم كنا ندفع جنيهات معدودة كقيمة إيجارية، ولكن هل تتذكر الحكومة أن أرباحنا أيضا كانت جنيهات معدودة؟ ولعقود كانت الأسعار محددة من الحكومة، وبالتالي فالأرباح كذلك محددة ومعلومة، حيث كانت السلع الأساسية تأتي لمحال البقالة كحصص تموينية تباع بالتسعيرة، لا يمكن لتاجر زيادة مليم واحد على سعر قطعة صابون أو كيلو سكر.
هل تعرف الحكومة أن كل الأنشطة التجارية الصغيرة سواء محال بقالة أو ورش حرفية أو تموين، عانت ولا تزال من المنافسة الشرسة نتيجة انتشار السوبر ماركت ثم الهايبر ماركت، ومراكز الصيانة وخلافه؟ هل تعرف الحكومة أن أرباح هذه الأنشطة لا تسمح بالتوسع أو المنافسة، بل إنها تكاد تكفي وقد لا تكفي نفقات المستأجرين وأسرهم.
هل سيعوضني المالك عما دفعته؟ هل سيرد الخلو؟ الحقيقة لا. القانون أنصف الملاك دون المستأجرين، فهل هذا عدل؟ هذه حالتي وأعتقد أنها تشبه حالة عشرات أو مئات آلاف المستأجرين ممن جار عليهم القانون.