آخر الاخبار

“رسومات غامضة وكائنات مشوهة”.. أسرار “كهف الوحوش” بالوادي الجديد (صور)



10:25 م


الأحد 27 يوليه 2025

كتب – مختار صالح:

في أقصى الجنوب الغربي من مصر، وعلى الحدود القاحلة بين ليبيا والسودان، يقف “كهف الوحوش” شاهدًا صامتًا على عالم غامض عمره أكثر من 7000 سنة، في قلب منطقة تُعد من أكثر بقاع الصحراء قسوة وجفافًا. لا تُخبرك الرمال بشيء، لكن الصخور تحفظ الأسرار.

– رسومات لعصور ما قبل التاريخ

يقع الكهف في وادي “سورة”، على السفح الجنوبي الغربي لسلسلة جبال الجلف الكبير، داخل محافظة الوادي الجديد. إنه أحد أعجب الاكتشافات الأثرية في صحراء مصر الغربية، مغارة طبيعية تزخر بما يزيد على 5000 رسمة من عصور ما قبل التاريخ، محفوظة بشكل مذهل رغم مرور آلاف السنين.

– مغامرة داخل كهف الأساطير

تم العثور على الكهف عام 2002 على يد الفريق الأثري المكوّن من ماسيمو وجاكوبو فوجيني، إلى جانب الباحث المصري أحمد مستكاوي، فأطلق عليه اسم “فوجيني – مستكاوي”، ويُعرف أيضًا بـ”سورة 2” لتمييزه عن كهف السباحين الشهير (سورة 1) الذي يبعد عنه 10 كيلومترات فقط.

وفي عام 2010، أجرت جامعة كولونيا الألمانية دراسة شاملة للكهف، لتؤكد أن رسوماته تعود إلى عصر الهولوسين، حين كانت تلك المنطقة مروجًا خضراء وبحيرات، قبل أن يتحول المناخ تدريجيًا إلى الجفاف الحالي.

– رسومات لا تشبه البشر

الدهشة لا تبدأ فقط من كثرة الرسومات، بل من غرابتها وغموضها. ففي فبراير 2016، نشرت مجلة علم الآثار تقريرًا صادمًا عن 13 طبعة يد في الكهف، كانت تُعتقد سابقًا أنها بشرية، لكن تبين أنها ليست لبشر على الإطلاق، بل يُرجّح أنها طبعات سحالي أو زواحف استخدمها الإنسان القديم كأداة للطبع.

والأغرب أن بعض الرسومات، خاصة المتعلقة بـ”الوحوش”، تعرضت للتشويه المتعمد، مما يشير إلى طقوس أو معتقدات بدائية كان الهدف منها ربما السيطرة على هذه الكائنات الأسطورية، أو طردها، أو حتى استحضارها.

– حياة تنبض على الجدران

وتحكى جدران الكهف عن حياة نابضة؛ بشر يسبحون، يرقصون، يرفعون أيديهم، يحملون الحبال، أو يقفون في صفوف، كما تنتشر طبعات أقدام وأيادٍ بشرية بألوان حمراء وصفراء وسوداء، إلى جانب رسوم لحيوانات ضخمة مثل الفيلة، الزرافات، الغزلان، النعام، في مشهد يُحاكي حياة لم تعد موجودة.

ويبلغ عرض الكهف حوالي 17 مترًا، وعمقه نحو 7 أمتار، ويُعد من أكبر المغارات المرسومة في شمال أفريقيا، ويُعتقد أنه كان مركزًا دينيًا أو طقوسيًا لساكني الصحراء الأوائل.

– كهف ينتظر التفسير

حتى اليوم، لا تزال أسرار “كهف الوحوش” عصية على الفهم الكامل. هل كان معبدًا؟ هل كان شاهدًا على طقوس سحرية؟ هل تمثل “الوحوش” مخلوقات خيالية أم كائنات منقرضة؟ ولماذا استخدم سكانه طبعات غير بشرية؟ كلها أسئلة تثير فضول العلماء، وتفتح الباب أمام المزيد من الأبحاث والاكتشافات.

– كنز أثري في قلب الصحراء

كهف الوحوش ليس مجرد رسومات على جدران صخرية، بل وثيقة حية ترصد بدايات الوعي الإنساني والأسطوري، ومحاولة الإنسان الأول لتفسير العالم المحيط به.

يعد الكهف شاهد على لحظة تاريخية لم نعد نملك عنها الكثير، ويستحق أن يكون وجهة أثرية وسياحية بارزة على خريطة مصر، خاصة في ظل الدعوات المتكررة إلى تسجيله رسميًا كموقع تراث عالمي لدى اليونسكو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock