قصص مؤلمة يكشفها ناجون وأهالٍ عن حادث الطريق الإقليمي
09:48 م
السبت 05 يوليو 2025
المنوفية – أحمد الباهي:
خيم الحزن على العديد من الأسر بالمنوفية، بعد أن تحولت رحلة عمل يومية إلى مأساة مروعة إثر حادث انقلاب سيارة أجرة ميكروباص على الطريق الإقليمي اليوم السبت، ما تسبب في مصرع 9 أشخاص وإصابة 11 آخرين، وكشفت شهادات الناجين وأهالي الضحايا والمصابين عن تفاصيل مؤلمة وراء هذه الحادثة.
أول يوم شغل لصلاح
بصوت يملؤه الألم، تحدث والد الطفل صلاح هلال زقزوق (15 عامًا)، أحد مصابي الحادث، لموقع “مصراوي”، كاشفًا أن نجله كان في طريقه إلى العمل بمركز وادي النطرون، في أول يوم عمل له.
وتابع الأب حديثه قائلا: “ابنى صلاح خرج الصبح، وجالي تليفون بعديها قالي إنه اتصاب وحالته خطيرة، وعنده نزيف في المخ”، وذكر أنه لم يتمكن من التعرف على نجله حين شاهده داخل غرفة العناية المركزة بسبب التورم الكبير في الرأس جراء الاصطدام والنزيف.
وأضاف: “أنا راجل على باب الله بجمع البلاستيك وأبيعه، وابني 15 سنة بينزل يشتغل في الإجازة عشان يساعدني، لكن للأسف خرج ومرجعش”.
وأوضح أصدقاء صلاح أن الفتى كان يعمل سابقًا في مخبز، لكن المقابل المادي لم يكن جيدًا، وأنه أراد تحسين دخله، فقرر العمل في مزرعة للدواجن بوادي النطرون بيومية قدرها 200 جنيه، فاستقل السيارة الميكروباص من أشمون في رحلة لم تكتمل.
شريف عامل يومية ترك 4 أطفال
في مشهد لا يقل إيلامًا، أنهت أسرة الشاب شريف محمود إبراهيم (38 عامًا) تصاريح دفنه بمستشفى الباجور التخصصي، تمهيدًا لتشييع جثمانه في قرية الخور بأشمون.
وأوضح والد شريف، لـ”مصراوي” أن نجله كان عاملًا باليومية، ينتقل يوميًا من أشمون إلى السادات من أجل لقمة العيش.
وقال الأب والدموع تسبق كلماته: “ابني ساب 4 أطفال صغيرين ومشي”، معبرًا عن عمق الفاجعة التي حلت بأسرته بعد أن تلقوا خبر وفاة شريف جراء الحادث الأليم الذي وقع في نطاق محافظة الجيزة.
عبد اللطيف “اتصل بأهله قالهم ألحقوني”
فى السياق ذاته، تلقت أسرة الشاب عبد اللطيف السيد عبد اللطيف (27 عامًا)، وهو يعمل محاسبًا، نبأ إصابته في الحادث بصدمة لا تقل عن باقي الأسر.
ونُقل عبد اللطيف بشكل عاجل إلى مستشفى الباجور التخصصي بعد انقلاب السيارة الميكروباص التي كانت تقله من أشمون إلى السادات.
أكد أصدقاء عبد اللطيف، لـ”مصراوي”، أن إصابته تقتصر على كدمات وسحجات متفرقة بالجسد، وأن عائلتة حضرت من قرية دروة بأشمون فور علمهم بالحادث، بعد أن اتصل بهم هاتفيًا ليخبرهم: “أنا عملت حادثة ألحقوني رايح المستشفى”.
الشيخ أحمد: فقدت ابنتي ونور عيني
وكانت الطالبة الجامعية “منة الله أحمد زكي” ابنة قرية ساقية أبو شعرة التابعة، تستقل الميكروباص المنكوب من أشمون متجهة نحو مدينة السادات لأمر خاص يتعلق بالدراسة بكلية الدراسات الإسلامية بنات جامعة الأزهر فرع مدينة السادات، لكن القدر كان أسرع.
وبصوت متهدج بالكاد يخرج، قال الشيخ أحمد زكي، إمام وخطيب مسجد عمر بن الخطاب، والد منة الله: “”اتصلوا بي يبلغوني بالحادث، لم أصدق في البداية، حتى ذهبت إلى مستشفى وردان بالجيزة ورأيتها بنفسي… لقد فقدنا ابنتنا ونور عيوننا”.
وتابع: “منة الله كانت حافظة للقرآن الكريم، وكانت بارة بوالديها وأخواتها، ومحبوبة من كل من عرفها في القرية”.
وعمت حالة من الصدمة والحزن أرجاء قرية ساقية أبو شعرة فور انتشار خبر وفاة منة الله، وتجمع الأهالي أمام منزل الشيخ أحمد زكي، استعدادا لإقامة صلاة الجنازة عليها بعد صدرو تصريح الدفن من نيابة الجيزة، مؤكدين أن منة الله “كانت مثالًا للأدب والأخلاق، فقدانها صدمة كبيرة لجميع أهالي القرية”.
شهادات الناجين
كشف عدد من مصابي الحادث الناجين لـ”مصراوي”، أن السبب الرئيسي وراء هذه الكارثة هو رعونة السائق وسرعته الجنونية خلال رحلته.
يروي المصابون، أن السائق كان يتفادى السيارات بشكل مُخيف، وأن ركابًا آخرين صاحوا فيه للانتباه، لكن دون جدوى، وكشفوا أن الحادث الأليم وقع عندما حاول السائق “عمل غرزة” (مناورة مفاجئة لتغيير المسار)، ليتفاجأ بسيارة أخرى أمامه، اصطدمت السيارة الميكروباص بها وانقلبت على الفور بسبب سرعتها الفائقة.
محافظ المنوفية يتابع حالة المصابين
وبدوره توجه اللواء إبراهيم أبو ليمون محافظ المنوفية، إلى مستشفى الباجور العام، للاطمئنان على الحالة الصحية للمصابين والتأكد من تقديم الرعاية الطبية الشاملة لهم، بحضور الدكتور عمرو مصطفى وكيل مديرية الصحة، والدكتور محمد سلامة مدير الطب العلاجي، والدكتور محمد المرسى مدير المستشفى، والدكتورة ولاء عبد الرازق مدير هيئة إسعاف المنوفية، وفتحى شلبى رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة الباجور.
ووجه المحافظ، جامعة المنوفية بإرسال فريق طبى من كبار الإستشارين لمعاونة الأطقم الطبية بمستشفى الباجور العام لتقديم الدعم الطبى اللازم للمصابين والتأكد من مدى احتياجهم للتدخلات الجراحية إذا لزم الأمر.
وأجرى المحافظ حوارا مع المصابين للإستماع إلى مطالبهم والعمل على تلبيتها فورًا، مؤكدًا أنه سيتابع بنفسه الحالة الصحية للمصابين، وموجهًا أطقم الأطباء بالمتابعة والملاحظة الطبية الدقيقة للحالات وتهيئة الأجواء المناسبة لتلقيهم العلاج اللازم ومدى تأدية الخدمات الصحية اللازمة بشكل أفضل.
تحرك فوري من وزارة الصحة
في سياق متصل، كلّف الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة، الدكتور محمد الطيب، نائب وزير الصحة والسكان، بالتوجه فورًا إلى محافظة المنوفية لمتابعة تقديم كل أوجه الرعاية الطبية والنفسية للمصابين.
أكد الوزير على ضرورة التأكد من توافر جميع الإمكانيات اللازمة، بما في ذلك الأطقم الطبية المتخصصة، الأدوية، المستلزمات الطبية، وأكياس الدم بجميع فصائلها، مع إعداد تقرير مفصل حول الحالة الصحية للمصابين والخدمات المقدمة لهم.
وبينما تُواصل الأجهزة الأمنية تحقيقاتها لكشف ملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات، تبقى قلوب الأسر المتضررة معلقة على أمل الشفاء لمصابيهم، داعين بالرحمة للضحايا.
اقرأ أيضًا:
شهادات صادمة لضحايا حادث الإقليمي: “السائق كان بيجري بسرعة وقلب بينا وهو بيعمل غرزة”
“اتصل بأهله قالهم ألحقوني”.. تفاصيل إصابة محاسب في حادث الطريق الإقليمي الأخير
“ترك 4 أطفال”.. والد أحد ضحايا حادث إقليمي المنوفية: كان عاملًا باليومية ورايح شغله
محافظ المنوفية يطمئن على مصابي حادث الإقليمي بمنشأة القناطر