10:11 م
الجمعة 18 يوليه 2025
الشرقية – ياسمين عزت:
في مشهدٍ جنائزي مهيب خيّم عليه الصمت والدموع، ودّعت قرية مشتول القاضي التابعة لمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية طفلها “كرم.م” ذو العشرة أعوام، الذي لقي مصرعه أسفل عجلات قطار، شهيدًا في سبيل لقمة العيش.
لم يعرف “كرم” معنى الطفولة يومًا، فمنذ صغره حمل على عاتقه أعباء الحياة القاسية، ليتحول من طفل بريء إلى رجل صغير يكافح من أجل إطعام نفسه وشقيقه وجدته.
“كرم” يتيم الأب، تركته والدته منذ سنوات لتتزوج، ليجد نفسه مع شقيقه الأكبر، طالب الثانوية العامة، في كنف جدتهما المسنة محدودة الدخل.
لم تملك الجدة خيارًا سوى أن تدفعهما نحو العمل لتوفير نفقات المعيشة والدراسة، ولم يكن “كرم” يبيع الحلوى في شوارع قريته الهادئة فحسب، بل كان يتنقل بين المحافظات، يحمل كرتونته الصغيرة، يركض خلف القطارات، ويهرب من مفتشي التذاكر، باحثًا عن قوت يومه، وكان حلمه الوحيد أن يُطعم نفسه وأخاه، ويخفف العبء عن جدته التي أضحت مسؤوليته.
في صباح يومٍ حزين، وبينما كان “كرم” يحاول اللحاق بأحد القطارات، زلت قدمه وسقط أسفل العجلات، لتنتهي حياته البريئة في لمح البصر.
لم يكن الحادث مجرد مأساة فردية، بل فاجعة هزت أركان القرية الصغيرة التي خرجت بأكملها في جنازته، تبكي طفلًا لم تمنحه الحياة أي فرصة للفرح أو أن يعيش طفولته.
تصف إحدى جيرانه “كرم” بكلمات مؤثرة قائلة: “كرم كان أحن طفل في الدنيا.. عمره ما لعب زي باقي العيال، دايمًا شايل همّ، وكان بيشتغل عشان يساعد أخوه وجدتهم، كأنه راجل كبير في جسم صغير”.