الدفاع السورية تنشر قواتها في السويداء.. فماذا يحدث؟
11:55 ص
الإثنين 14 يوليه 2025
(بي بي سي)
أعلنت وزارة الدفاع السورية الاثنين البدء بنشر قواتها في السويداء في جنوب البلاد، بعد الاشتباكات الدامية بين مقاتلين دروز وعشائر من البدو أوقعت 40 قتيلا بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتعيد هذه الاشتباكات الدامية إلى الواجهة التحديات الأمنية التي لا تزال تواجهها السلطة الانتقالية في سوريا منذ وصولها إلى الحكم بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
ولا تزال الاشتباكات متواصلة في بعض القرى في ريف محافظة السويداء الغربي بحسب ما ذكر المرصد ومنصة السويداء 24 المحلية.
وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان سقوط 40 قتيلا في الاشتباكات المسلحة والقصف المتبادل في مدينة السويداء ومناطق في ريف المحافظة، وهم 27 من الدروز، بينهم طفلان، و10 من البدو، و3 أشخاص مجهولي الهوية، ونحو 50 جريحا.
وتعتبر هذه الاشتباكات هي الأولى منذ توقيع اتفاق تهدئة بين ممثلين عن الحكومة السورية وأعيان دروز بعد اشتباكات عنيفة بين الدروز وقوات الأمن في أبريل/نيسان ومايو/أيار الماضيين، وأوقعت عشرات القتلى.
فماذا حدث في محافظة السويداء لتعود الاشتباكات إليها مجدداً؟
قال معاون قائد الأمن الداخلي لشؤون الشرطة في السويداء، العميد نزار الحريري، إن عودة الاشتباكات المسلحة إلى محافظة السويداء، ناجمة عن “حادثة سلب وقعت مؤخراً على طريق دمشق – السويداء طالت أحد المواطنين العاملين في القطاع التجاري وما أعقبها من ردود فعل متوترة تمثلت بوقوع عمليات خطف متبادلة”.
بينما قالت وزارة الداخلية السورية إن ما يجري في السويداء، هو نتيجة غياب مؤسسات الدولة الرسمية في المنطقة، ما أدى إلى تفاقم حالة الفوضى وانفلات الوضع الأمني، وعجز المجتمع المحلي على احتواء الأزمة، بحسب بيان لها.
واندلعت اشتباكات عنيفة في حي المقوس شرقي السويداء الذي تقطنه عائلات بدوية، بعد هجوم نفّذه مسلحون دروز لتحرير نحو 10 أشخاص احتجزهم عناصر من البدو صباح الأحد، ردّاً على احتجاز مسلحين دروز لأشخاص من البدو على خلفية اعتداءٍ تعرّض له سائق شاحنة درزي في ريف دمشق.
وتشكّل محافظة السويداء أكبر تجمع للدروز في سوريا، الذين يقدر عددهم بنحو 700 ألف نسمة.
وعقب سقوط نظام الأسد، ساهمت هجمات شنتها مؤخراً جماعات مسلحة إسلامية مرتبطة بشكل غير مباشر بالحكومة في دمشق على تجمعات درزية، في تعزيز حالة انعدام ثقتهم في الحكومة الجديدة.
“ليلة من الرعب في جرمانا”: تسجيل صوتي مفبرك يثير توتراً طائفياً والحكومة تتدخل لاحتواء التصعيد
وعلى الرغم من توصل الحكومة السورية ومشايخ السويداء لاتفاق يقضي بتفعيل الشرطة داخل محافظة السويداء، وحماية طريق دمشق السويداء، الذي يُعدّ شريان حياة لسكان المحافظة.
لكن – وبحسب منصة السويداء 24 – استمرت الاعتداءات على هذا الطريق ما أدى لتفاقم التوترات المجتمعية داخل محافظة السويداء.
ويوم الأحد، قالت منصة السويداء 24، إن حاجزاً لشرطة محافظة السويداء التابع لقيادة الأمن الداخلي، تعرّض لاستهداف من مجموعة مسلحة من جهة منطقة براق على طريق دمشق، اندلعت على إثره اشتباكات بين عناصر الشرطة والمسلحين.
كما استهدف المسلحون ذاتهم – بحسب المنصة – قرية الصورة الكبيرة في ريف السويداء الشمالي بقذائف الهاون.
ومنذ صباح الأحد قطعت مجموعات مسلحة في مناطق متفرقة من ريف دمشق – منها منطقة براق – طريق دمشق السويداء، ما دفع الحواجز الأمنية لإيقاف حركة المرور على الطريق.
كما امتدت التوترات في حي المقوس إلى بعض المناطق في ريفَيْ السويداء الغربي والشمالي.
إذ تعرّض محيط قرية الطيرة بالريف الغربي للسويداء، لهجوم مجموعات مسلحة من الجهة الغربية، كما شهدت قرية لبين اشتباكات بعد تعرضها لاستهداف من الجهة الغربية.
أما شمالي المحافظة، فشهدت قرية الصورة، استهدافاً لحاجز شرطة السويداء التابع لقوى الأمن الداخلي، وتم إطلاق قذائف هاون باتجاه القرية من مجموعات مسلحة تجمعت في منطقة براق بحسب السويداء 24.
دعوات للتهدئة
وأعلنت وزارة الداخلية السورية أن وحدات من قواتها بالتنسيق مع وزارة الدفاع، ستبدأ تدخلاً مباشراً في المنطقة لفض النزاع وإيقاف الاشتباكات وفرض الأمن وملاحقة المتسببين بالأحداث وتحويلهم إلى القضاء المختص.
وكانت وكالة فرانس برس قد نقلت عن مصدر رسمي أن قوات تابعة لوزارة الداخلية توجهت إلى السويداء “لفض الاقتتال”.
وقالت وكالة الأنباء السورية “سانا”، إن قوى الأمن الداخلي انتشرت على الحدود الإدارية الفاصلة بين محافظتَيْ درعا والسويداء، استجابة للتطورات الأمنية الأخيرة.
من جهتها، أعلنت وزارة التربية والتعليم “تأجيل امتحان مادة التربية الدينية في امتحانات الشهادة الثانوية العامة في الفرعين العلمي والأدبي المقررة يوم الاثنين في محافظة السويداء فقط، إلى موعد يحدد لاحقاً”.
تحقيق لبي بي سي يكشف عن شبكات خارجية تغذّي الطائفية وخطاب الكراهية في سوريا
في غضون ذلك، دعا محافظ السويداء مصطفى البكور إلى “ضرورة ضبط النفس والاستجابة لتحكيم العقل والحوار”، مشيراً إلى جهود من الجهات المحلية والعشائرية لاحتواء التوتر، ومؤكداً أن “الدولة لن تتهاون في حماية المواطنين”.
كما طالب بيان نُسب لأهالي حي المقوس في مدينة السويداء على مواقع التواصل الاجتماعي، بـ”التهدئة وحقن الدماء في محافظة السويداء”.
ودعا البيان لـ”وقف فوري لإطلاق النار، وإنهاء الاشتباكات في حي المقوس ومحيطه، والإفراج عن جميع المخطوفين من الطرفين، وفتح باب الحوار والتواصل بين جميع المكونات برعاية عقلاء ووجهاء المحافظة، وتغليب المصلحة العامة والمحافظة على السلم الأهلي فوق أي اعتبارات فئوية أو شخصية”.
فيما دعت قيادات روحية درزية إلى “الهدوء”، وحثت الحكومة في دمشق على التدخل.