المنطق المعكوس: السلام مقابل الأرض والتطبيع
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
طور كيان الاحتلال منطقاً جديداً معكوساً عنوانه السلام مقابل الأرض والتطبيع. وقد تمكن من فرض هذا المنطق على الدول العربية بعد انتشار فوضى الحروب والتقسيم بها والتي ساهم في إزكائها على مدى عقود طويلة من خلال التدخل العسكري المباشر أو الأعمال الاستخباراتيه أو عبر دعم غير مباشر لفصيل مقابل فصيل داخل الدول العربية التي تشهد صراعات سياسية… وما أكثرها.
وقد تولد هذا المنطق المعكوس بفعل التحديات التي يواجهها مبدأ الأرض مقابل السلام وفي قلبه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ووضع القدس والتوسع في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والمحاولات الدؤوبة لتهجير الفلسطينيين لتصفية مبدأ حق العودة، فضلاً عن استمرار كيان الاحتلال في تشكيل ورسم حدود دولته المحتلة بشكل لا نهائي..
وعلى الرغم من نجاح مبدأ الأرض مقابل السلام في معاهدات سلام سابقة، إلا أن تطبيقه في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المعاصر لا يزال يواجه عقبات معقدة. ففي السنوات الأخيرة شهدت المنطقة تحولاً في بعض جوانب التطبيع، حيث تم توقيع اتفاقيات أبراهام عامي ٢٠٢٠ و٢٠٢١ بين إسرائيل وعدد من الدول العربية (الإمارات العربية- البحرين- السوادان- المغرب) لتطبيع العلاقات. وهذه الاتفاقيات لم ترتبط بشكل مباشر بانسحاب إسرائيلي من أراضي ١٩٦٧ لإقامة دولة فلسطينية، مما أثار جدلاً حول ما إذا كانت هذه الاتفاقيات تمثل خطوة نحو الابتعاد عن مبدأ الأرض مقابل السلام وتناقض مبادرة السلام العربية عان ٢٠٠٢ التي أقرتها جامعة الدول العربية واقترحت سلاما ً شاملاً مع كيان الاحتلال مقابل انسحابه بشكل كامل من الأراضي العربية المحتلة عام ١٩٦٧، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وحل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين.
إن التمسك بمبدأ الأرض مقابل السلام هو حجر زاوية أساسي في الدبلوماسية المصرية والعربية في إطار الصراع العربي الاسرائيلي. ويستمد مشروعيته من قرار مجلس الأمن رقم ٢٤٢ عام ١٩٦٧ وينص على انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي التي احتلت في النزاع وإلى إنهاء جميع المطالبات والإعتراف بسيادة وسلامة أراضي كل دولة في المنطقة وحقها في العيش في سلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها خالية من التهديدات أو أعمال القوة.
إن ما تقوم به دولة الاحتلال منذ عام ١٩٦٧ وقبله يسير عكس هذا القرار بل هي سياسات وخطط وأعمال مستمرة لتذويب هذا القرار بحيث تنتفي فائدته ويستحيل تنفيذه بفعل تغير الواقع على الأرض تغيراً جذرياً.
إن كيان الاحتلال يريد أن يتزوج من الدول العربية بعقد قسرى أو عقد إذعان يفرض من خلاله السلام بقوة السلاح على العديد من الدول العربية المطالبة بإلقاء سلاحها والتسليم والاستسلام للأمر الواقع …!