ماذا حدث للشاب السوري يوسف اللباد؟
05:42 م
الخميس 31 يوليه 2025
كتبت- سلمى سمير:
في وقتٍ كانت فيه عائلته تنتظر لقاءه بعد سنوات الغياب، عادت جثة الشاب السوري يوسف اللباد من المسجد الأموي في دمشق، لا تحمل معها إلا الصمت وآثار الضرب، ففي الوقت الذي كان من المفترض أن تكون زيارته القصيرة من ألمانيا إلى بلده الأم سوريا محطة عائلية مؤقتة، لكنها تحولت إلى قضية رأي عام بعد وفاته في ظروف ملتبسة عقب احتجازه من قبل عناصر الأمن السوري.
تضاربت الروايات حول وفاة اللباد، فالرواية الرسمية تتحدث عن اضطراب نفسي وانتحار ذاتي، بينما تُظهر صور الجثمان شيئًا مختلفًا تمامًا، وهو ما تؤكده عائلة اللباد وبيانات المرصد السوري لحقوق الإنسان، التي تقول إن الشاب يوسف قد قُتل على أيدي عناصر الأمن السوري.
تسجيل جديد أحد الحاضرين داخل المسجد الأموي في دمشق ، يُظهر يوسف اللباد لحظة اعتقاله#سوريا pic.twitter.com/25zrYW0oRf
— الأحداث السورية (@news_sy1) July 31, 2025
كيف تم الاعتقال؟
تفجرت القضية عندما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الشاب يوسف اللباد، وهو من أبناء حي القابون بدمشق، فارق الحياة بعد أيام من اعتقاله قرب المسجد الأموي، دون توجيه أي تهم رسمية له.
وكان يوسف اللباد، الذي يحمل الجنسية الألمانية، قد عاد مؤخرًا من ألمانيا في زيارة مؤقتة، من أجل ترتيب بعض الأمور الأسرية في سوريا.
بحسب ما ذكر المرصد السوري، فإن عائلة الشاب تسلّمت جثمانه وعليه آثار تعذيب واضحة، تشمل كدمات وجروحًا في أنحاء مختلفة من جسده، وهو ما أظهرته أيضًا صور نشرتها المنظمة الحقوقية.
وأوضح المرصد السوري، أن الاعتقال تم دون معرفة الأسباب أو المسوغات القانونية، مشددًا على ضرورة فتح تحقيق شفاف، ومحاسبة من يقف وراء مقتله.
ماذا قالت الرواية الرسمية؟
من جهتها، علقت وزارة الداخلية السورية، على التقارير المتداولة، بتصريح المتحدث باسم الوزارة، نور الدين البابا، الذي قال، إن يوسف اللباد “لم يُوقَف في أي فرع أمني”، بل كان يعاني من حالة “غير متزنة” عند دخوله المسجد الأموي، حيث افتعل مشادات كلامية مع المصلين والحراس، ما استدعى وضع الأصفاد في يديه للحفاظ على سلامته وسلامة الآخرين.
وفي رواية متطابقة تقريبًا، قال العميد أسامة محمد خير عاتكة، قائد الأمن الداخلي في دمشق، إن كاميرات المراقبة في المسجد وثّقت لحظة دخول الشاب وهو في حالة من “عدم الاتزان” وتلفّظه بكلمات غير مفهومة، مشيرًا إلى أن عناصر حماية المسجد حاولوا تهدئته، لكنه لاحقًا أقدم على إيذاء نفسه بضرب رأسه بجسم صلب أثناء احتجازه، وهو ما أدى إلى وفاته رغم تدخل الإسعاف.
العائلة: لم يكن مريضًا
لكن رواية الأسرة جاءت مناقضة كليًا لما أوردته السلطات، فبحسب ما صرّحت به العائلة، فإن يوسف لم يكن يُعاني من أي اضطرابات نفسية، وكان بكامل قواه العقلية عند خروجه إلى زيارة المسجد الأموي.
ووفق إفادة الأسرة، فإن آثار الجروح والكدمات التي وُجدت على جسده لا يمكن أن تكون نتيجة “ضرب الذات” كما تقول الداخلية، بل تؤشر إلى تعامل عنيف ومقصود، ما يدحض مزاعم الوفاة الطبيعية أو الانتحار.
ماذا قال المرصد السوري؟
من جانبه، دعا المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى تحقيق فوري ومحايد في وفاة يوسف اللباد، واصفًا الحادثة بأنها “حلقة جديدة في سلسلة الانتهاكات بحق المعتقلين في سوريا”، محذرًا من تصاعد أعداد الضحايا داخل مراكز الاحتجاز التي تفتقر لأدنى شروط العدالة أو الرقابة.
وأشار المرصد إلى أن عدد ضحايا التعذيب في سجون النظام السوري الحالي ارتفع إلى 45 شخصًا منذ بداية العام، معظمهم من أبناء محافظة حمص، في وقتٍ تتواصل فيه الاعتقالات التعسفية والانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين في مناطق سيطرة الحكومة السورية، بحسب تعبيره.