آخر الاخبار

ما يهرب منه يلاحقه | مصراوى


جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

عندما شنت إسرائيل ضرباتها على إيران في ١٢ الشهر الماضي، وعندما ردت عليها إيران، فإن ضرباتهما المتبادلة على مدى ١٢ يوماً أسقطت ضحايا غير مباشرين في طريقها، بخلاف ضحاياها المباشرين في البلدين.

كان مؤتمر حل الدولتين من بين ضحايا ضربات البلدين المتبادلة، لأن الموعد المقرر لانعقاد المؤتمر كان في ١٧ و١٨ يونيو، ولم يكن انعقاده في موعده وقتها أمراً مناسباً، فلقد كان العالم منشغلاً بحرب إسرائيل وإيران، فتأجل الانعقاد إلى موعد لاحق.

وقد شاء الله للحرب أن تتوقف، وشاء للموعد اللاحق أن يتحدد، وأن تعلن فرنسا أن الموعد الجديد هو ٢٨ و٢٩ من هذا الشهر.

أما لماذا فرنسا بالذات؟ فلأن المؤتمر ينعقد برئاسة سعودية فرنسية مشتركة، ولأن هذا هو ما كان مقرراً منذ بداية الدعوة إلى مؤتمر يتبنى حل الدولتين باعتباره الحل الذي لا حل سواه بالنسبة للقضية في فلسطين. وأما مكان الانعقاد ففي مقر منظمة الأمم المتحدة في نيويورك، حيث سيكون متاحاً للعالم كله أن يتابعه، وحيث سيكون لمندوبي شتى الدول في المنظمة أن يتابعوه عن قرب، وأن يكونوا شهداء على وقائع انعقاده وعلى ما سوف ينتهي إليه.

وبالطبع، فإن المجتمع الدولي كله متوافق من سنين على أن حل الدولتين هو الحل ولا حل آخر غيره، وهو يعني أن تقوم دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية التي يتواجد فوقها الفلسطينيون، وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية، وأن يكون قيامها إلى جانب الدولة الإسرائيلية القائمة حالياً ومند الخامس عشر من مايو ١٩٤٨.

وقد جاءت الحرب على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر في السنة قبل الماضية، بل وعلى الفلسطينيين كلهم في القطاع وفي الضفة الغربية على السواء، لتقول للعالم بأبلغ بيان أن هذا هو الحل وفقط، وأن غيابه سوف يعطي مساحة مضافة للمزيد من الصراع، ومن الدم، ومن العنف، وأن تجاهله أو القفز فوقه دوران حول أصل الموضوع.

هناك بالطبع مَنْ يشكك في إمكانية تحقق حل الدولتين على أرض الواقع، ولكن الذين يشككون فيه لم يقولوا لنا ما هو البديل، ولو أنهم أنصفوا أنفسهم وأنصفوا القضية في فلسطين لاكتشفوا أنه لا حل آخر فعلاً، وأنه لا يوجد بديل، إلا العنف، وإلا الدم، وإلا القتل بين الطرفين، وبغير أمد زمني يمكن أن يشار إليه.

فهذه الأرض التي يعيش عليها الفلسطينيون في غزة وفي الضفة هي أرضهم، ومن قبل عاش عليها آباؤهم وأجدادهم، ومن بعد سوف يعيش عليها أبناؤهم وأحفادهم على امتداد الأجيال، كما امتدت أجيال الآباء والأجداد في زمن سابق، وكل ما عدا ذلك التفاف على الحقيقة في الموضوع.

وإذا استطاع المؤتمر أن يضع يد العالم على هذه الحقيقة من جديد فهذا يكفي، لعل الإسرائيليين يدركون أن الهروب من حل الدولتين هو هروب إلى الأمام.. هروب لا يلبث صاحبه حتى يدرك أن ما يهرب منه يلاحقه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock