مخاوف في الصحف الإسرائيلية من تقارب مصر والصين: يقلب الأوراق ضدنا
03:55 م
الخميس 24 يوليو 2025
كتبت- سلمى سمير:
“يجب على إسرائيل مراقبتها” في إطار هذا السياق علقت الصحف الإسرائيلية على التعاون العسكري المصري الصيني والذي كان آخره مناورات جوية مشتركة بين البلدين، رأت تل أبيب فيه أكثر من مجرد تعاون وإنما رسالة تبعث بها القاهرة لعدد من الأطراف في المنطقة على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
عملت الصين مؤخرًا على ترسيخ علاقتها مع مصر، وهو ما أكدته زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانج إلى القاهرة، يوليو الجاري، في خطوة علق عليها السفير الصيني بالقاهرة لياو لي تشيانج بالقول، إن الصين تبدي اتهماما كبيرا لتوطيد علاقاتها مع مصر، وتسعى بشكل كبير لترقية العلاقات بين البلدين لمستويات أعلى بكثير.
ولكن هذا التقارب، علقت عليه الصحف الإسرائيلية بطريقة أخرى خاصة وأنه جاء بعد مناورات عسكرية مصرية صينية في سيناء لأول مرة تحت اسم “نسور الحضارة 2025”.
كيف علقت الصحف الإسرائيلية؟
ترى صحيفة “جيويش نيوز” الإسرائيلية، أن المناورات الجوية المشتركة المصرية الصينية التي أقيمت مؤخرا في مصر، والتي تعد الأولى من نوعها، ربما تحتوي على رسائل إلى الولايات المتحدة، ويجب على إسرائيل مراقبتها عن كثب.
وبحسب الصحيفة العبرية، ترى تل أبيب في هذا التقارب العسكري المصري الصيني، على أنه إشارة إلى نية مصر توسيع شراكاتها الأمنية، وربما النظر إلى ما هو أبعد من تحالفها العسكري التقليدي الذي دام عقودًا من الزمن مع الولايات المتحدة.
وفي ظل الحرب متعددة الجبهات التي تواجهها إسرائيل في الوقت الحالي، فلا ترغب الدولة العبرية في إضافة الجبهة المصرية إلى الجبهات التي تخوضها حاليا، وذلك بحسب العميد (احتياط) البروفيسور جاكوب ناجل، وهو زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومستشار الأمن القومي السابق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، الذي أشار في الوقت نفسه إلى أن مصر قوة لا يجب الاستهانة بها ويجب أن تبقي إسرائيل عينها مفتوحة على مصراعيها لتحديد المخاطر المحتملة من هناك، وبالتأكيد بعد 7 أكتوبر.
وعند الحديث عن الحشد العسكري المصري في شبه جزيرة سيناء وما يمثله ذلك من قلق بالنسبة لإسرائيل، قال ناجل، إن الوضع يجب أن يتم التعامل معه بحذر وحزم في ذات الوقت، داعيًَا إلى عدم المبالغة في تقدير الآثار المباشرة للتدريبات، كما حذر في الوقت نفسه من الاستهانة بها وضرورة التعامل معها، وذلك بالقول إن الولايات المتحدة هي من عليها أن تعلق في هذا الشأن وتوجه كلمة للمصريين الذين تُقدم لهم مساعدات كبيرة.
من جانبها ترى صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية، أن القيادة السياسية والعسكرية في البلاد بدأت تدرك أهمية إنهاء الاعتماد أحادي الجانب على الولايات المتحدة، خاصة في ضوء القيود التكنولوجية والسياسية التي تفرضها واشنطن على الصادرات العسكرية.
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية، أن مصر، تسعى إلى بناء شبكة واسعة من الشراكات الأمنية مع دول أخرى، منها روسيا وفرنسا وألمانيا والهند، بهدف إرساء قوة ردع في “منطقة متقلبة”، وسط حروب وفوضى متواصلة في دول الجوار مثل قطاع غزة والسودان وليبيا والبحر الأحمر.
أما صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، فترى أن الصين التي تعتمد استراتيجية “بكين الصبورة القائمة على الاستثمار”، تسعى لإعادة تشكيل التحالفات الإقليمية في المنطقة، وهو ما ترحب به في المقابل مصر التي تعمل على تعميق علاقاتها مع الصين من خلال البنية التحتية والتجارة والتعاون الدفاعي الناشئ، مع احتفاظها بتحالفها مع الولايات المتحدة.
وفي ظل التنافس العالمي بين واشنطن وبكين، تسعى القاهرة بشكل متزايد إلى تنويع علاقاتها الاستراتيجية، بحسب الصحيفة الإسرائيلية، التي تقول إن مصر بينما تواصل تعزيز شراكتها العسكرية الراسخة مع الولايات المتحدة، إلا أنها وعلى جانب آخر تقوم بسلسلة من التطورات على الجانب الآخر، بدءًا من التعاون الدفاعي مع بكين وانتهاءً بالاستثمار في البنية التحتية، إلى تنامي التعاون مع جمهورية الصين الشعبية.
وفي هذا الشأن يقول وليد قزيحة، الأستاذ السابق في الجامعة الأمريكية بالقاهرة للصحيفة العبرية، إن القاهرة تشعر بأن حليفتها الأمريكية القوية أصبحت مصدر إحراج كبير بالنسبة، لذلك بدأت تسعى في توجيه اهتمامها نحو لاعبين آخرين، وخاصة الصين.
وعلى الرغم من أن توتر العلاقات الأمريكية المصرية ليس بالجديد بحسب “يديعوت أحرونوت”، إلا أن سياسات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب الأخيرة، ساهمت في تعزيز تلك التوترات بين الجانبين، وهو ما نتج عنه خلق حالة من عدم التوافق الاستراتيجي، بينما في المقابل، توسع بكين نفوذها بثبات من خلال الاستثمار الاقتصادي ودبلوماسية القوة الناعمة.
وحظيت المناورات العسكرية المصرية الصينية في شبه جزيرة سيناء، باهتمام إسرائيلي خاصة مشاهد الطيارين المصريين التي تقول تل أبيب إنهم تدربوا على طائرات صينية مزودة بتقنيات دفاعية خاصة، وهي المشاهد التي جعلت الإدارة الإسرائيلية تراقب عن كثب التقارب بين القاهرة وبكين، بحسب الصحيفة العبرية.
وبحسب الصحيفة العبرية، فإن جاذبية الصين المتزايدة تكمن في نهجها غير المشروط نسبيا تجاه المبيعات العسكرية، على النقيض من القيود المفروضة عادة على عمليات نقل الأسلحة الغربية، وهي ما تقول الصحيفة نقلا عن محللين، إن الصين ستستغل تلك النقطة وتغرق السوق بشروط أكثر مرونة على عكس الغربيين الذين “بخلوا” بالمعدات العسكرية.
أما موقع “واللا” العبري، فيكشف عن قلق، داخل الأوساط العسكرية في تل أبيب إزاء التقارب العسكري المصري الصيني، وتزويد البكين للقاهرة بمقاتلات شبحية جديدة بأنظمة رادار متطورة، تعزز قدرات مصر على حماية مجالها الجوي والتصدي لأي تهديدات محتملة وتستطيع مضاهاة التطور العسكري الإسرائيلي.
وبحسب الموقع العبري، فإن التقارب المصري الصيني، يعد خطوة استراتيجية من جانب القاهرة لموازنة موازين القوى العسكرية في المنطقة، في مواجهة التفوق العسكري الإسرائيلي المدعوم أمريكيا، ويُشكل تحولا لافتا في توجهات التسليح المصري نحو الشرق، بعيدا عن الهيمنة الغربية.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد فتتهم وسائل إعلام إسرائيلية مصر باستخدام طائرات مراقبة صينية متطورة خلال المناورات العسكرية مؤخرًا، بهدف رصد تحركات الجيش الإسرائيلي سرا.
وذكرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، أن مناورة “نسر الحضارة 2025″، التي أُجريت بالقرب من الحدود الجنوبية لإسرائيل، أثارت حالة من الاستنفار داخل الأوساط السياسية والعسكرية في تل أبيب، وسط مخاوف من اختراق استخباراتي محتمل وانهيار تفاهمات استراتيجية قائمة منذ سنوات طويلة بين الجانبين.
وقالت “معاريف”، إن القاهرة وبكين استخدمتا طائرة الإنذار المبكر والتحكم الصينية “KJ-500″، خلال مناورات أبريل الماضي، بهدف مراقبة جاهزية سلاح الجو الإسرائيلي. ووفقاً للصحيفة، فقد حلقت الطائرة وتمكنت من قياس “زمن الإقلاع” للطائرات الاعتراضية الإسرائيلية، وهو مؤشر تكتيكي حساس يكشف سرعة الاستجابة لدى القوات الجوية الإسرائيلية.