أخبار العالم

شعارات خادعة! | صحيفة الوطن

[


]

فيصل الشيخ

الشعارات وسيلة شائعة ومؤثرة في مختلف المجالات، من السياسة إلى الاقتصاد، مروراً بالإعلام وإدارة المؤسسات.

وبينما يُفترض أن تكون الشعارات أداة إيجابية تعكس المبادئ والقيم، فإن استخدامها الزائف أو المبالغ فيه قد يتحول إلى أداة تضليل تُحدث آثاراً سلبية عميقة وطويلة الأمد.

عند تأمُّل المخاطر المرتبطة بالشعارات المخادعة، تبرز أمامنا دروس جوهرية في فن القيادة، تُظهر أهمية الاتساق بين القول والفعل كأساس لا غنى عنه للنجاح المؤسسي والمجتمعي.

فمن أخطر المظاهر أن تُرفع شعارات براقة كالعدالة والشفافية والإنصاف والمصداقية بينما تخالف السياسات والسلوكيات الواقعية هذه القيم كلياً. هذا التباين لا يُضعف مصداقية المسؤولين فقط، بل يغذي مشاعر الإحباط والسخرية ويفكك الثقة الضرورية للاستقرار والتقدم.

في عالم الإدارة، يمكن تشبيه الشعار الزائف بإعلان ترويجي لا يعكس جودة المنتج. فقد يجذب الانتباه على المدى القصير، لكنه مع الوقت يؤدي إلى نتائج عكسية مثل تدهور السمعة، وفتور الانتماء بين الموظفين، وازدياد المقاومة للتغيير.

المسؤولون الفاعلون يدركون أن الشعارات ليست أهدافاً بحد ذاتها، بل يجب أن تكون امتداداً لرؤية واضحة، ترتبط باستراتيجيات محددة، وخطط قابلة للتنفيذ والتقييم. الوفاء بالوعود هو ما يصنع المصداقية، وليس مجرد تكرار العبارات الرنانة.

عندما تتبنى القيادات مبدأ الشفافية في مواجهة التحديات والاعتراف بالأخطاء، فإنها تُشرك الأفراد في رحلة التغيير، وتحوّلهم من متلقين سلبيين إلى شركاء فاعلين. هذا الانفتاح يعزز الثقة ويُقلل من فرص انتشار الفساد أو الإحباط الجماعي.

القيادة التي لا تقرن الشعارات بآليات حقيقية للمساءلة، تمنح الفرصة لتراكم الأخطاء وتنامي الفساد الإداري. من الضروري أن تكون هناك نظم واضحة لمتابعة الأداء وتقييمه، حتى لا تبقى الشعارات حبراً على ورق.

من المهم ألا نُحمّل الشعارات ما لا تحتمل. فهي أداة تواصل وتحفيز فعالة إذا وُظّفت بأمانة وصدق. لكن حين تُستخدم للتجميل أو التغطية على واقع مخالف، فإنها تقوض الثقة وتُجهض إمكانيات التطور.

الدرس الإداري هنا، هو أن القيادة الرشيدة تُبنى على الصدق والوضوح وربط الأقوال بالأفعال. المؤسسات والمجتمعات التي تلتزم بهذه المبادئ تتمكن من الاستمرار والنمو رغم التحديات، أما تلك التي تعتمد على الكلام المعسول دون مضمون، فإنها معرّضة للانهيار مع أول أزمة حقيقية.

النجاح الحقيقي لا يتحقق بالشعارات البراقة، بل بالوفاء العملي بما تحمله من وعود. فالإدارة الذكية لا تكتفي بإطلاق الكلمات، بل تجعل منها التزاماً فعلياً ومسؤولية لا تُهمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock