مقادير الحياة | صحيفة الوطن
[
]
– لكل شيء في هذه الحياة مقادير محددة، تساهم في إبراز جودته وقيمته، تماماً كما هو الحال في إعداد الطعام. ولكن مفهوم «المقادير» لا ينحصر في المطبخ وحده، بل يتوسع ليشمل مختلف جوانب الحياة؛ من الفكر، إلى العلم، إلى العمل، وحتى التعامل الإنساني وبناء المستقبل. كل جانب من هذه الجوانب يحتاج إلى مقادير متوازنة كي يظهر في أفضل صورة ممكنة.
– صياغة المستقبل أيضاً تعتمد على المقادير، فهناك معايير ومتطلبات يجب أن نضعها في الحسبان. بعضها سهل المنال، وبعضها يتطلب جهداً ومثابرة. لكن في النهاية، لكل شخص القدرة على ترتيب مقاديره بالشكل الذي يعكس صورته الحقيقية أمام الآخرين، دون أن يحمّل نفسه فوق طاقتها، لأن تجاوز حدود الاستيعاب يُفقد الفرد توازنه ويشوّه صورته.
– تخيّلوا لو أن لكل شخص منا بطاقة تعريف تحمل «مقاديره» واضحة أمام الجميع. هل ستظل الحياة كما هي؟ هل سنعامل الآخرين وفق ما يظهر من مقاديرهم فقط؟ هل سيزيد الاحترام أم يتراجع؟ ربما نعيش في عالم مليء بالثغرات والتصنيفات، حيث يُحكم على الفرد بناءً على مقاديره المكشوفة، لا على جوهره الحقيقي. وهنا تكمن أهمية التوازن بين الظاهر والباطن، وعدم الاكتفاء بالحكم السطحي.
– ومن زاوية الأسرة والمجتمع، يمكن تشبيه رب الأسرة بالطباخ. الطباخ الماهر يعرف كيف يختار المقادير بعناية ليحظى بإعجاب الجميع، وكذلك ولي الأمر الناجح، يُحسن إعداد أبنائه وتجهيزهم للحياة بأفضل القيم والمعايير، ليظهروا في أجمل صورة وأكمل استعداد.- الأمر لا يقتصر على الأفراد فقط، بل ينسحب أيضاً على المشاريع والنجاحات. فكل مشروع يُقاس بقيمة مقاديره؛ كلما كانت المقادير ثمينة ومدروسة، زادت قيمة المشروع وارتفعت فرص نجاحه في سوق الحياة.
– في نهاية المطاف، نحن من يُضفي على الحياة نكهتها؛ إما أن نجعلها حلوة أو مرّة، بحسب ترتيبنا لمقادير تفاصيلنا الصغيرة والكبيرة. فلا داعي لتعقيد الأمور، فالحياة مثل وصفة الطعام، تحتاج فقط إلى توازن في المكونات.
– تطرقت لهذا المقال محاولاً أن أبسط المفاهيم وأوصل رسالة واضحة، تجعلنا ننظر إلى الحياة بشكل أسهل، ونستعد للمستقبل بوعي وحكمة.