من ورشة بلاط بسفاجا لرحلة لندن.. باحث قنائي يفي بوعده لوالدته (صور)



08:44 م


الخميس 17 يوليه 2025

كتب – محمد البدري وعبدالرحمن القرشي:

كان وعدًا بسيطًا ومؤثرًا: “هفسّحك يا أمي في لندن أو برلين.” قاله الطفل الصعيدي أحمد إبراهيم لأمه الحاجة هدية، حينها، وبين بيتٍ يتشقق بفعل السيول وعملٍ شاق في ورشة الرخام، بدا الحلم أقرب إلى المستحيل.

لكن الإيمان بالأم، والكفاح الصامت، حوّلا العبارة إلى لحظة إنسانية نادرة، جسّدها مشهد الأم والابن يتجولان معًا في شوارع العاصمة البريطانية بعد 23 عامًا من العمل والمثابرة.

ليست مجرد حكاية عالِم نال شهاداته، بل قصة كفاح بدأت من مناجم الفوسفات وتشققات الجدران، مرورًا بورش الرخام والمقاهي، وانتهت في قاعات العلم البريطانية، لتُخلّد اسمه في قائمة العلماء الأكثر تأثيرًا في العالم، وتمنحنا درسًا عميقًا في الوفاء، والاجتهاد، وردّ الجميل.

طفولة تحت الأرض

وُلد أحمد إبراهيم في قرية أم الحويطات، وانتقل مع أسرته إلى سفاجا بعد انهيار بيتهم بفعل سيول عام 1997. في سن العاشرة، دخل منجم فوسفات إلى جانب والده، وعاش أصعب أيام حياته وسط درجات حرارة قاسية وأعمال بدنية شاقة. لا شيء يومها كان يُنبئ بأنه سيُصبح عالمًا بارزًا.

من ورشة البلاط إلى قاعة العلوم

عمل في ورشة بلاط ورخام وتشققت يداه من الجير، ثم تنقّل بين المهن حتى وصل إلى المرحلة الجامعية، حيث عمل نادلًا في مقهى لتأمين المصاريف.

رغم ذلك، كان الأول على دفعته في كلية العلوم بجامعة جنوب الوادي، واستمر في عمله حتى صدر قرار تعيينه معيدًا.

استهانوا بلكنته.. فأبهرهم بعِلمه

حصل إبراهيم على منحة قصيرة إلى بريطانيا، وهناك استقبله أحد المشرفين بالاستهانة، قائلًا: “قول يا صعيدي بالعربي، مالكش دعوة بالإنجليزي.”، لكن الشاب الذي تعلّم الإنجليزية ذاتيًا، أبهر الجميع بإجاباته، ونشر أبحاثًا لافتة مهدت لمنحة دكتوراه كاملة من جامعة الملكة، ثم تعيينه أستاذًا بها.

اعتراف عالمي

لاحقًا، اختير ضمن قائمة الـ2% من العلماء الأكثر تأثيرًا عالميًا، وبينما يستمر نجاحه، تلقى بحثًا علميًا للإشراف عليه من نفس الأستاذ الذي استهان به في البداية، لتكتمل دائرة الاعتراف والتفوق.

رسالة علمية شعبية

أسّس قناة “علم تيوب” على يوتيوب، يتابعها أكثر من مليوني شخص، يقول عنها إنها المنبر الذي ينشر من خلاله العِلم الذي تعلّمه لخدمة الشباب المصري.

صوت علمي في قمة المناخ

في سن 37 عامًا، تلقى دعوة من الولايات المتحدة للمشاركة في قمة المناخ بمدينة شرم الشيخ، ممثلًا لأبحاثه في حضور زعماء العالم. كتب حينها: “الصعايدة فخر لمصر لأنهم رمز الشهامة والجد والابتكار.”

الحاجة هدية.. أصل الحكاية

في منشوره الذي أثار تفاعلًا واسعًا، كتب أحمد عن والدته التي كانت توقظه قبل الفجر وتشاركه بناء البيت “طوبة طوبة”، والتي آمنت به حين كتبت بالطباشير على جدار غرفة النوم: “الدكتور أحمد إبراهيم.”

ختم إبراهيم منشوره بقوله: “لما أمك تصدق حلمك، إنت كمان بتصدق وتتمسك بيه… كمل، واتشعبط في حلمك، وهتوصل بإذن الله. بس المهم ترد الجميل، لأنك من غيرهم ولا حاجة.”

Exit mobile version