يا مسؤول.. لن يتذكرك إلا من ظلمته

[


]

في مقالي هذا سوف أتحدث مباشرة، وأوجه كلامي لكل مسؤول في كل المستويات الوظيفية، هذا واقع، فما أن يُمسك أي مسؤول جديد منصبه -ومن أول يوم- يتسابق المتسلقون، وأصحاب المصالح يحيطون به، والوجوه تبتسم في وجهه بتلك الابتسامة الصفراء، ونراهم يمدحونه ويتقرّبون منه لأنهم يرون فيه وسيلةً لقضاء حاجاتهم ومصالحهم الضيّقة على حساب المؤسسة أو الجهة التي يعملون بها، وبالتالي على حساب من يعملون بصمت وبكل أمانة وصدق، وهناك الكثير من الكفاءات الصامتة التي يتم ظلمها في العمل بسبب وشاية من أصحاب النفوس المريضة التي تتسلق للوصول إلى المناصب، ولا يعلم هذا المسؤول أو ذاك بأن المنصب لا يدوم والسلطة لا تبقى، ودوام الحال من المحال، وهناك الكثير من القصص الواقعية التي نسمعها من بعيد ومنها ما رأيناه وعايشناه، فما إن يُحال المسؤول إلى التقاعد أو يُعفى من منصبه، حتى تتوارى تلك الوجوه التي كانت تبتسم له وتضحك معه وتخرس تلك الألسن التي كانت تمدحه وتمجده، وكأن هؤلاء الأشخاص المتملقة لم يعرفوا هذا المسؤول يوماً ويصبح نسياً منسياً بعد تقاعده، ولكنّ هناك شخصاً واحداً فقط سيبقى يتذكر هذا المسؤول الظالم هو ذاك الموظف البسيط الذي ظلمته وقطعت رزقه ورزق أبنائه وحرمته من الترقية أو تجاهلته أو كنت تسمع عنه من المستلقين خلاف الواقع وكنت لا تسمع ولا ترى إلا من خلال من حولك فقط وهم أول من ينساك ولا حتى يتذكرك إلا من ظلمته وضايقته في رزقه وتناسيت أنه يعيل أسرة ليس لها بعد الله إلا هذا الرجل الذي شعر بالعجز أمام ظلمك.

نعم الإنسان ينسى وهذه طبيعة البشر وإلا لمات كمداً وحزناً من المواقف والهموم اليومية التي يعيشها، ولكن المظلوم لا ينسى من ظلمه، خاصة الظلم المتعلق بكرامته الوظيفية ورزقه وقوته الذي يعيش منه، والمسؤول الذي يتجبر ويتكبر ويظلم بحكم سلطته الموظف البسيط المسكين ثق تماماً أن دعواته المكسورة في سجوده ودموعه التي ذرفت قهراً وشعوره بالعجز أمام ظلمك أيها المسؤول ستلاحقك ولن ترتاح لأن الظلم ظلمات، لهذا يا من تملك اليوم السلطة والقوة وأنت في منصبك، لا تغتر وتتجبر لأن ذلك مؤقت، وسيأتي من يأخذ مكانك، فالمنصب لا يخلد لأحد ولكن ما يبقى للإنسان إلا الأثر الطيب والسيرة الحسنة، لذلك أيها المسؤول لا تقسُ على الموظفين دون وجه حق لأنك سترحل يوماً، إما عند إحالته للتقاعد أو عندما تفارق هذه الدنيا الفانية الزائلة، وتذكر بأن ما يبقى لك هو ذكر الناس لك، إما بالكلمة الطيبة والذكر الحسن وإما بالدعوات عليك والتحسب خصوصاً في من ظلمته، فالظلم لا يُمحى من الذاكرة، فالحذر كل الحذر أن تؤذي أحداً وأنت في منصبك، واحذر أن تكتب تاريخك بيدك وأنت ظالم، لأنك سترحل وستُنسى من الجميع، إلا ذاك المظلوم سيبقى يذكرك كلما ضاق به الحال، وأنت يا سيدي اختر ما تريد، إما دعوة في ظهر الغيب أو دعوة تصل إلى عنان السماء تشكوك إلى الله، وأنت اختر ما تريد أن يُكتب في صحيفتك.

همسةتذكّر يا مسؤول أين ما كنت بأن الظلم ظلمات، وتذكّر بأن الظلم قد يؤجل لكن الموت لا ينتظر، وتذكّر أيضاً بأن من تسمع لهم وينقلوا لك الأخبار الكاذبة عن هذا الموظف أو ذاك لن ينفعوك يوم الحساب والعقاب والوقوف أمام الله سبحانه وتعالى.

Exit mobile version