نهاية “سفاح المعمورة”.. اعترافات صادمة لمحامٍ دفن ضحاياه تحت قدميه
06:24 م
الأحد 27 يوليو 2025
الإسكندرية – محمد عامر ومحمد البدري:
داخل قاعة محكمة جنايات الإسكندرية، وبعد شهور من المحاكمات والتحقيقات التي كشفت عن تفاصيل مرعبة، أسدلت العدالة، اليوم الأحد، الستار على واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها المدينة الساحلية في السنوات الأخيرة.
ففي جلسة نُطِق فيها بالحكم وسط ترقب شديد، قضت المحكمة بالإعدام شنقًا على المحامي نصر الدين السيد، المعروف إعلاميًا بـ”سفاح المعمورة”، بعد إدانته بقتل ثلاثة أشخاص، بينهم زوجته، بدمٍ بارد وسبق إصرار، ودفنهم في وحدات سكنية استأجرها لهذا الغرض المروّع.
– محامٍ بلا رحمة.. والعدالة تنتصر
المشهد داخل المحكمة كان ثقيلًا، الحضور مشدود الأنفاس، بينما وقف المتهم بملامح جامدة، مرتديًا نظارته، وممسكًا بالمصحف، يحاول بث سكينة كاذبة وسط أجواء مشحونة بالحزن والغضب.
هيئة المحكمة، برئاسة المستشار محمود عيسى سراج الدين، أعلنت الحكم بعد استيفاء كافة الإجراءات، من بينها عرض أوراق القضية على مفتي الجمهورية، الذي أيّد توقيع القصاص.
وبهذا أسدل الستار على فصل مأساوي من جرائم “القتل الممنهج”، الذي نفذه المتهم على مدى سنوات، مدفوعًا بالطمع، والانتقام، ونفسٍ لا تعرف الرحمة.
– ثلاث جرائم.. وسيناريوهات شيطانية
بدأت القصة عام 2022، حين استدرج المتهم أول ضحاياه، المهندس “م.أ.م”، الذي تربطه به علاقة عمل، إلى وحدة سكنية بالعصافرة.
كان الدافع واضحًا: المال. فالمجني عليه كان يمتلك عقارات وأموالًا، والقاتل قرر الاستيلاء عليها.
بعد تعذيب نفسي وبدني، ومحاولات لإجباره على التنازل عن ممتلكاته، انتهى الأمر بجريمة قتل مروّعة، تبعها تمثيل بجثته ودفنها داخل حفرة أرضية حفرها المتهم بنفسه، بعد أن صنع صندوقًا خشبيًا وضع فيه الضحية، وغلفه بالبلاستيك والأسمنت، وكأن الجريمة لم تكن كافية، فمضى المتهم يستكمل فصول المأساة.
– الضحية الثانية.. شريكة العمر تحوّلت إلى ضحية
كانت ضحيته الثانية “م.ف.ث” زوجة القاتل،. بعد أن ضاقت بها الحياة بسبب سلوكياته المشبوهة، طردته من المنزل، لكنه عاد لينتقم منها على طريقته.
خطّط مسبقًا، صنع صندوقًا خشبيًا خصيصًا لتكفينها، واشترى القماش الأبيض والأكياس السوداء، وفي لحظة هدوء منزلي، انقضّ عليها، خنقها حتى الموت، ودفنها بنفس الطريقة، في وحدة سكنية أخرى بمنطقة المعمورة البلد.
– الضحية الثالثة.. عميلة خدعها المحامي
أما “ت.ع.ر”، فكانت إحدى موكلاته، ربة منزل لجأت إليه في قضية نزاع عقاري.
وعندما طالبت برد أتعابه بعد أن فشل في تحقيق نتيجة، قرر التخلص منها بدافع الانتقام والاستيلاء على أموالها وهاتفها وكارت المعاش، ثم خنقها ودفنها بجوار زوجته في ذات الوحدة، مغلقًا الباب بقفل معدني، وكأنها لم تكن يومًا موجودة.
– أكاذيب متقنة.. وإخفاء مُحكم للجريمة
ما يثير الصدمة أن المتهم لم يكتفِ بالقتل، بل تفرّغ بعدها لخداع أهالي الضحايا، عبر رسائل نصية وهاتفية من أرقام المجني عليهم، حاول خلالها إيهامهم بأنهم سافروا أو قرروا الزواج من أجنبيات، أو انتقلوا للإقامة في شرم الشيخ.
– الطب الشرعي يحسم الجدل حول قواه العقلية
خلال المحاكمة، حاول الدفاع التلميح إلى اضطرابات عقلية لدى المتهم.
لكن تقرير مستشفى العباسية، الذي أودع فيه المتهم 15 يومًا للملاحظة، جاء قاطعًا: المتهم بكامل قواه العقلية، مدركٌ لما فعله، ومسؤول مسؤولية كاملة عن جرائمه.
وكان ذلك كفيلًا بتنحي محاميه عن الدفاع، ليختار المتهم أن يترافع عن نفسه، في مشهد عبثي آخر من فصول القضية.
– العدالة تُعيد التوازن
أخيرًا، وبعد جلسات مطولة، واستماع لـ25 شاهدًا، وشهور من التحقيقات، قالت العدالة كلمتها، فصدر الحكم بإعدام المتهم شنقًا، مع إلزامه بالمصاريف الجنائية، وإحالة الدعوى المدنية للدائرة المختصة.
“سفاح المعمورة”.. الاسم الذي أرعب الإسكندرية، طويت صفحته اليوم، بعد أن دفع ثمن جرائمه التي هزّت الضمير الإنساني، وأثبتت أن العدالة لا تنام.