أخبار العالم

«صوت البطانة.. كان أعلى من صوت الحقيقة»!


في أحد القطاعات، تسبب شخص محسوب من «بطانة» المسؤول في إيقاع الظلم على موظف مجتهد، والسبب أن الأخير كان مميزاً في عمله، إضافة إلى ذلك وجهات نظره الصادقة والصريحة لا تُعجب «عضو البطانة» و«بقية الجوقة»، لأنها تُظهر حقيقة قدراتهم ومصداقيتهم أمام المسؤول، وتكشف أن «مؤهلاتهم» فقط مرتبطة بـ«مدح المسؤول» و«التملق» له و»تزييف الحقائق» أمامه، والأخيرة هي كارثة كبرى.

عضو البطانة بدأ بتشويه صورته، ونقل عنه كلاماً لم يقله، وفسّر تقاريره بحسّ تآمري، وتكرر ذلك على مسامع المسؤول، وبناء على الانطباعات المغلوطة والملفقة. انتهى الأمر بإبعاده الموظف المميّز من منصب كان يستحقه، فقط لأن «صوت البطانة.. كان أعلى من صوت الحقيقة»!

المسؤول، لم يكن شخصاً يدقق على ما ينقل له، وكان يقبل بأن يُرمى في أذنه أي كلام بلا تحقق، وبالتالي بني قراراته وخلق انطباعاته عن بقية الموظفين وفقاً لما يوصله إليه أعضاء البطانة السيئة.

لو سقطت يا مسؤول في هذا الفخ، فاعرف بأنك ستبدأ في اتخاذ قرارات متسرعة، وستعزل من يخالفك الرأي، وستهمش الأصوات الصادقة التي يهمها الإصلاح، وسيقتصر محيطك على من يزينون الخطأ، ويخفون الحقائق، ويقدمون المشورة التي يخدم مصالحهم.

البطانة السيئة، أحد أخطر التهديدات لأي قيادة في أي موقع ومستوى. هم مرآة مشوهة تعكس للمسؤول ما يريدون أن يراه، لا ما يجب أن يعرفه. يظهرون الولاء، ويُخفون نواياهم، يتحدثون بثقة، لكنهم يزرعون بذور الشك، يتصرفون وكأنهم حماة المؤسسة، بينما هم أول من يقوّض مصداقيتها.

المسؤول «الصح»، عليه توسيع دائرة الاستماع، وأن يتعلّم الشك الصحي في كل رأي يُقدّم له دون دلائل. فالآراء التي لا تُخالف لا تُفحص، والمعلومات التي لا تُناقش لا تُصحح. وعلى المسؤول أن يخلق مناخاً يُشجع على التعبير لا التردد، ويُكافئ الصدق لا التزلف.

الحالة أعلاه، تجعلني أقول بأنه هكذا تُهدر المواهب، وتُغتال العدالة. لا لأن المسؤول سيئ، لكن لأن البطانة من حوله تضع العدسات الخاطئة أمام عينيه. والأسوأ أنها لا تكتفي بالتأثير على اتجاهات المسؤول، بل تحرّضه حيناً، وتُطمئنه حيناً آخر، وتُغلّف ذلك بورق المجاملة والإخلاص المصطنع.

الإدارة الناجحة ليست في إصدار الأوامر فقط، بل في حسن الاختيار لمن يُسهم في صنع القرار. إن كانت البطانة نزيهة، ارتفعت المؤسسة، وإن كانت فاسدة، تهشمت الإنجازات، وتآكلت الثقة، وقد تنهار المؤسسة في النهاية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock